بسم الله الرحمن الرحيم

هذا التلخيص هو عبارة عن معلومات سطحية مأخوذة من بعض المراجع التي تتحدث عن تاريخ العملة في العهود الإسلامية منذ بداية عهد الرسول محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . لذا حاولت أن أكتب في ملخصي هذا بعض المعلومات التي تفيد في تتبع العملة الإسلامية منذ بداية فجر الإسلام إلى عهدنا الحاضر .

وسوف نبدأ في هذا الملخص بتعريف العملة ( الدينار ـ الدرهم ـ الفلس ) ومن ثم التحدث عن كل دولة وعملاتها إلي ضربت في عهدها وأماكن ضربها وأنواعها وسوف أتحدث عن كل دولة باختصار شديد لأن الهدف من هذا الملخص هو تتبع العملات والنقود الإسلامية والتعرف عليها .

كذلك هنالك بعض الأحداث التاريخية التي تشد الانتباه فأنني أتطرق لها بنوع من الاختصار وهذه الأحداث مهمة في تاريخ الدولة المعنية بالحدث وهي تدور حول العملات والنقود ………. .

  • تعريف النقود :

الدينار : إن كلمة دينار هي في الأصل كلمة يونانية لاتينية denarius . وهي وحدة نقد ذهبية عند العرب وتعاملوا بها قبل الإسلام وبعده وأشار إليها قوله تعالى : ( و من أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ) سورة آل عمران آية 75.

والوزن الشرعي للدينار الإسلامي هو 4،25 جرامات ( نصف دينار ـ ربع دينار ) .

الدرهم : هي كلمة مأخوذة من الدراخما اليونانية فقد استعاره العرب من الفرس لأن المعاملات في الأقاليم الشرقية من العالم الإسلامي كانت تتعامل بالدراهم والوزن الشرعي للدرهم 2،97 جرامات . وذكر في القرآن الكريم في سورة يوسف آية 12 قوله تعالى : ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) . ولكن هذا الوزن خضع للتغييرات خلال العصور التاريخية وكان للدرهم العربي مضاعفات وأجزاء لتسهيل التعامل التجاري به .

الفلس : استعار العرب هذه التسمية من البيزنطيين وكانت تسمى FOLLIS مشتق من اليونانية . وليست من الشرط أن تكون عملات نحاسية بقدر ما هي مهمة في التعامل . ( ويقصد بها باليوناني كيس النقود ) .

الأوزان : وزن الدينار 4،25 جراما وقد يزيد أو ينقص قليلا ،

ووزن الدرهم 2،9 جرام وقد يزيد أو ينقص قليلا .

  • نهاية عصر الخلفاء الراشدين :

انتهى عصر الخلفاء بمقتل الخليفة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في السابع عشر من رمضان لعام 40 هـ ( أربعين من هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام ) . على يد عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم وهو خارج لصلاة الفجر وما بعدها بيومين في الكوفة وبهذه خلفه ابنه الحسن الذي بويع بعد وفاة والده وتصالح الحسن مع معاوية خصم أبيه وتنازل له عن الخلافة حقنا لدماء المسلمين وإنهاء النزاع . وبهذا تولى أمر الأمة والإسلام معاوية بن أبي سفيان . وكان بداية عصر الدولة الأموية .

  1. الدولة الأموية 41 ـ 132هـ ( 661ـ 749م )


م


الخلفاء


فترة الحكم بالهجرة


فترة الحكم بالميلادي


1


معاوية بن أبي سفيان


41 – 60


611-680


2


يزيــــــــــد بن معاويـة


60-64


680-683


3


معاوية بــــن يزيـــــــد


64-64


683-683


4


مروان بن الحكـــــــــم


64-65


683-684


5


عبد الملك بن مـــروان


65-86


684-705


6


الوليد بـــــن عبد الملك


86-96


705-714


7


سليمان بــن عبد الملك


96-99


714-717


8


عمر بــــــن عبد العزيز


99-101


717-719


9


يزيد بــــــــن عبد الملك


101-105


719-723


10


هشام بــــــن عبد الملك


105-125


723-742


11


الوليد بن يزيد بن عبد الملك


125-126


742-743


12


يزيد بـــــــن الوليد الأول


126-126


743-743


13


مروان الجعدي ( أو الحمار )


127-132


744-749

استمرت الدولة الأموية ما يقارب 92 عاما هجريا توالت الخلافة خلالها أسرة بني أمية نستطيع القول هنا أن معاوية بن أبي سفيان قد عدل شيء ما في النقود التي كانت في عهد الخلفاء الراشدين فضرب الدراهم السود الناقصة وضرب أيضا دنانير عليها صورة رجل متقلدا سيفا ( وهي صورته ) وكتب عليها اسمه . ويقول المقريزي أنها أول دنانير إسلامية ضربت على طراز الدنانير البيزنطية وهي نادرة د ولم يعثر عليه حتى الآن . وعندما كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وليا على الحجاز ضرب دراهم بمكة مدورة ( وكان أول من ضرب الدراهم المستديرة الشكل ) حيث كانت من قبل غليظة وممسوحة . وكتب على أحد وجهي الدرهم ( محمد رسول الله ) والوجه الأخر ( أمر الله بالوفاء والعدل ) .

وضرب أيضا أخا عبد الله مصعب بن الزبير عندما كان بالعراق دراهم ـ ويقال أن أول من ضرب الدنانير والدراهم مصعب بن الزبير في العراق بأمر أخيه عبد الله عندما ولاه أمر الحجاز سنة 70هـ وكتب على أحد الوجهين ( بركة ) والآخر ( الله ) .

فلما قدم الحجاج بن يوسف الثقفي إلى العراق بأمر عب الملك بن مروان أبطل النقود التي ضربها الأخوين عبد الله ومصعب فلم يبقى منها شيئا .

فلما استتب الأمر للخليفة عبد الملك بن مروان بعد مقتل الأخوين عبد الله ومصعب أبناء الزبير جمع النقود والدراهم وفحصها وفحص أوزانها وأثقالها في سنة 74 أو 75هـ وأمر الحجاج بأن يضربها عنده فضرب الحجاج ما أمر به فأرسلها إلى المدينة المنورة وكان ضربها سنة 76من الهجرة النبوية . فلما شاهدها بقايا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة استنكروا عليها أن بها صورة رجل يمسك سيفا .

وهي صورة عبد الملك بن مروان : الوصف ــ في الوجه صورة عبد الملك يقف مواجهة ويده على مقبض سيفه مرتديا جلبابا مزركشا ويحيط بها عبارة عبد الملك أمير المؤمنين وفي الظهر ظهرت الدرجات الأربع يعلوا ما يشبه العمود المنتهي بدائرة الأبطال الأثر المسيحي وحولها لا إله إلا الله وحده . محمد رسول الله ــ . وهذه الدنانير والدراهم شبيهة بالنقود البيزنطية .

ويذكر أن سبب ضرب عبد الملك بن مروان للنقود الإسلامية البحتة هو أن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان قال له أي عبد الملك بن مروان أن العلماء من أهل الكتاب الأول يقولون أن أطول الخلفاء أعمارا من قدس الله سبحانه وتعالى في درهمه فوضع عبد الملك السكة الإسلامية . كذلك هنالك قصة أنه عندما كان يرسل الورق البردي من مصر إلى بيزنطة وكان يكتب في رأسه العقيدة المسيحية ( باسم الأب والابن وروح القدس ) فأبطل عبد الملك ذلك ووضع شهادة التوحيد على ورق البردي وهي ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) فغضب إمبراطور الروم جستنيان الثاني فهدد بأن يكتب على الدنانير التي تأتي إلى المشرق العربي بعبارات تسئ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأشار المسلمون على عبد الملك بن مروان ــ وقال ابن الأثير : أن خالد بن يزيد بن معاوية هو الذي أشار على عبد الملك بن مروان بضرب الدنانير بالشكل الإسلامي البحت ـ فضرب أول دينار إسلامي بكتابات عربية بالكامل عام 77 هـ ووصفه هو : ( الوجه في الهامش ــ محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ـ الوسط : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ـ الخلف في الهامش : بسم الله ضرب هذا الدينار سنة سبع وسبعين ـ الوسط ـ الله أحد الله صمد لم يلد ولم يولد ) . ويعد هذا الدينار من أندر النقود الإسلامية في وقتنا الحاضر وهو غالي الثمن ولا يوجد إلا القليل منه جدا جدا وتعد على الأصابع .

أما وصف الدرهم الذي ضربه عبد الملك بن مروان فهو كالتالي : ( الوجه في الهامش : محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . في الهامش : بسم الله ضرب هذا الدرهم بواسط سنة حمس وثمانين . وربما اختلفت مدينة الضرب والتاريخ من درهم لأخر ـ وفي الوسط : لا إله إلا الله وحده لا شريك له .

هذا ما جاء عن نقود الدولة الأموية حيث قام كل خليفة من بني أمية بضرب نقود إسلامية في عهده ونرى منها نماذج رقم بالموقع 0

مدن الضرب الأموية والتي سكت فيها النقود هي :

واسط ـ دمشق ـ الكوفة ـ البصرة ـ الجزيرة ـ مرو ـ مثر ـ أذربيجان ـواردشير خره ـ وأرمينية ـ واصطخر ، وأفريقيا ـ والأندلس ـ والبصرة ـ وبلخ ـ وبهبقاد ـ و التيمرة ـ وجندي سابور ـ وجي ـ ودربجرد ـ ورامهرمز ـ والسامية ـ وسجستان ـ والشاش ـ وسوق الأهواز ـ والباب ـ وكرمان ـ والكوفة ـ وماهي ـ والمباركة ـ ومناذر ـ ودستواـ وهراة ـ وهمذان ـ وغيرها .

وأقدم الدراهم التي ضربها عبد الملك بن مروان بعد الإصلاح في سوريا والعراق بوجه خاص ترجع إلى عام 79هـ ضرب دمشق والكوفة . وإلى عالم 84 ـ 85هـ ضرب واسط وكل هذه الدراهم تحمل اسم دار السك وسنة سكها .

أما الدراهم التي ضربت في مصر في العهد الأموي فهي نادرة جدا ولم يعثر على شيء منها . إلا أن هناك بعض النماذج من الصنج الزجاجية التي تؤكد وجود الدرهم وأجزاءه في مصر . وهي موجودة في متحف الفن الإسلامي .

( أريد التنوية هنا أن جميع الصور الخاصة بالنقود هي من مجموعتي الخاصة وربما تكون هنالك نقود لم أذكرها إما لسبب أني لم أحصل عليها أو لندرتها وربما تكون هذه النقود مختلفة التواريخ ومدن السك ولم أذكرها ) بعد العهد الأموي السابق ذكره والذي انتهى على يد أبو العباس عبد الله السفاح الذي هزم الخليفة الأموي مروان وقتله بدأ عهد الدولة العباسية عام 132هـ .

السامانيون:
تنسب الأسرة السامانية إلى بهرام جور صاحب كسرى هرمز فهي أسرة عريقة المجد في الأمة الفارسية. كان في عهد المأمون من تلك الأسرة أولاد أسد بن سامان وكان المأمون يرعى حقوق الحرمة لذوي البيوتات فقربهم ورفع من أقدارهم وكانت بلاد ما وراء النهر مقسمة بينهم يلونها من جهة أمير خراسان فكان نوح بن أسد في سمرقند وأحمد بن أسد في فرغانة ويحيى بن أسد في الشاس وأشروسنة وإلياس بن أسد في هراة. وكان أحمد بن أسد عفيف الطعمة مَرْضي السيرة لا يأخذ رشوة ولا أحد من أصحابه. ولما توفي استخلف ابنه نصراً على أعماله بسمرقند وما وراءها فبقي عاملاً بها إلى آخر أيام الطاهرية. وكان إسماعيل بن أحمد يخدم أخاه نصراً فولاه بخارى سنة261 وكان بين هذين الأخوين خطوب طويلة بسبب سعاة السوء حتى إنه في سنة275 تحارب نصر وإسماعيل فقهر نصر وحمل إلى أخيه إسماعيل فلما رآه ترجل له وقبل يديه ورده من موضعه إلى سمرقند وتصرف هو على النيابة عنه ببخارى.

الدولة الطولونية :

كان طولون مملوكاً تركياً أهداه نوح بن أسد الساماني إلى المأمون سنة200 فكان من عداد الجنود التركية الكفاة وولد له أحمد ابنه بسامرا سنة220 فربيّ في حلبة أولئك الجنود وأفصح بالعربية وحفظ القرآن الكريم وكان ذا خلق قويم ولما بلغت سنه العشرين توفي أبوه طولون فكان بعده في ضمن جنود بايكباك الذي تقدم ذكره.

كانت ولاية مصر مضافة إلى بايكباك وهو الذي يختار أميرها ففي سنة254 اختار لها أحمد بن طولون لما رأى من كفايته وشجاعته فعقد له عليها ودخلها أحمد لتسع بقين من رمضان وكان يتقلد القصبة وحدها وكان معه أحمد بن محمد الواسطي كاتب بايكباك.

لما توفي المعتز سنة255وتولى المهتدي وقتل بايكباك حل محله أماجور وكان صهراً لأحمد بن طولون فإن أحمد كان زوج ابنته فكتب إليه أماجور تسلم من نفسك لنفسك وزاده الأعمال الخارجية عن قصبة مصر فعظمت لذلك منزلته واتسع ملكه وكان يدعى على منابر مصر للخليفة أولاً ثم لأماجور ثم لأحمد بن طولون حتى مات أماجور سنة258 فاستقل أحمد بمصر ودعي له بها وحده بعد الدعاء للخليفة وضبط ابن طولون بلاد مصر أحسن ضبط وخضد شوكة الثائرين الذين كانوا يثورون بها من وقت لآخر.

وفي سنة262 حصل بينه وبين أبي أحمد الموفق تنافر أدى إلى وحشة استحكمت حلقاتها فكتب أبو أحمد إلى ابن طولون يهدده بالعزل فأجابه جواباً فيه بعض الغلظة فسير إليه الموفق جيشاً يقوده موسى ابن بغا فلما بلغ الرقة أقام فيها عشرة أشهر ولم يمكنه المسير لقلة الأموال وطالبته الجنود بالعطايا فلم يكن معه ما يعطيهم فاختلفوا عليه وثاروا بوزيره فاضطر ابن بغا أن يعود إلى العراق وكفى ابن طولون شره وفي سنة263 ولى المعتمد أحمد بن طولون طرطوس ليقوم بحفظ ذلك الثغر عن الروم الذين كانوا قد تطرقوا البلاد لضعف قوة الخلافة.

وفي سنة264 دخل في حوزته بلاد الشام والثغور بعد وفاة أماجور الذي كانت تلك البلاد له فاتسع ملكه اتساعاً عظيماً حتى كانت حدود مملكته تنتهي إلى نهر الفرات وبذلك تم التغلب والانفراد عن بني العباس من أقاصي الغرب إلى نهر الفرات فضاقت مملكة بني العباس واقتصرت على العراق والجزيرة الفراتية على ما فيها من الثورات والاضطرابات وبلاد الري والأهواز.

وكان الموفق في ذلك الوقت مشغولاً بحرب الدعي صاحب الزنج فكان ذلك فرصة عظيمة لأحمد بن طولون أن يقوي أمر ملكه وكان يعلم ما بين المعتمد الخليفة وبين أخيه من الفتور فأراد أن ينتفع من ذلك وصادف أن أرسل المعتمد إلى ابن طولون يشكو له مما هو فيه من استبداد الموفق عليه وأنه ليس له من الخلافة إلا الاسم فأشار عليه ابن طولون أن يلحق به بمصر ولو تم ذلك لانتقلت الخلافة العباسية إلى القطائع مدينة أحمد بن طولون بمصر ولكن حال دونه عامل الموصل والجزيرة الذي أرسل إليه الموفق أن يبذل جهده في منع المعتمد من المسير إلى مصر فلما بارح المعتمد سامرا ووصل إلى عمل الموصل منعه العامل من المسير فعاد ثانية إلى سامرا وبسبب ذلك اتسعت مسافة الخلف بين الموفق وابن طولون حتى أن ابن طولون قطع خطبة الموفق وأسقط اسمه من الطراز فتقدم الموفق إلى المعتمد يبلغه ففضل مكرها لأن هواه كان مع ابن طولون.

وفي سنة270 توفي أحمد بن طولون فخلفه في مصر والشام والثغور الشامية ابنه خمارويه وقد استمر ملك مصر والشام في أعقاب ابن طولون إلى سنة292 وقد ولي من هذا البيت خمسة أمراء وهم

(1) أحمد بن طولون (254-270)

(2) خمارويه بن أحمد (270-282)

(3) أبو العساكر جيش بن خمارويه (282-283)

(4) هارون بن خمارويه (283-292)

(5) شيبان بن أحمد بن طولون (292-292)

القرامطة:

في قريب من الوقت الذي انتشر فيه هذا المذهب بسواد الكوفة ظهر بالبحرين رجل يقال له سعيد الحسن الجنابي وجنابه مدينة تقع في سواحل فارس يدخل إليها في المراكب في خليج من البحر الفارسي وبين المدينة والبحر ثلاثة أميال وقبالتها في وسط البحر جزيرة خارك نشأ بها أبو سعيد هذا وكان دقاقاً فنفي عن جنابة فخرج إلى البحرين فأقام بها تاجراً وجعل يستميل العرب إلى نحلته حتى استجاب له أهل البحرين وما والاها وقوي أمره فقتل ما حوله من أهل القرى وفعل ذلك بالقطيف وأظهر أنه يريد البصرة التي كتب عليها الشقاء فإنه لم يمض على ما لاقته من السوء على يد العلويين أكثر من15 سنة فكتب واليها إلى المعتضد يخبره بالأمر فأمره المعتضد أن يبني على البصرة سوراً ففعل وفي سنة287 أقبل الجنابي بجموعه يريد البصرة فأرسل إليه المعتضد جيشاً قائده العباس بن عمرو الغنوي فهزمه أبو سعيد وأسر العباس واحتوى ما في العسكر وقتل الأسرى ثم سار الجنابي بعد الواقعة إلى هجر وانصرف المنهزمون إلى البصرة فلقيهم الأعراب فأفنوهم، أحدث ذلك بالبصرة قلقاً واضطراباً حتى هم أهلها بالجلاء عنها ولكن واليها هدأ بالهم.

كان تتابع الجيوش من المعتضد إلى من بسواد الكوفة سبباً لأن داعية قرمط زكرويه بن مهرويه سعى في استغواء كلب بن وبره بواسطة أولاده فأجابه بعض بطونهم وبايعوا سنة291 ابن زكرويه المسمى يحيى المكنى بأبي القاسم ولقبوه الشيخ وزعموا أن محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وزعم لهم أن له بالبلاد مائة ألف تابع وسمى أتباعه الفاطميين فقصدهم شبل مولى المعتضد من ناحية الرصافة فاغتروه فقتلوه وأحرقوا مسجد الرصافة واعترضوا كل قرية اجتازوا بها حتى بلغوا الشام وكانت إذ ذاك في حوزة خماريه بن أحمد بن طولون وينوب عنه فيها طغج بن جف فقاتلهم مراراً فهزموه.

هذا ما كان منهم في حياة المعتضد ظهروا بثلاثة مواضع بالبحرين والعراق والشام وبدأوا بخروجهم شعلة النار المحرقة التي آذت المسلمين ودوختهم وسلبتهم أمن الطريق إلى بيت اللَّه المقدس كما يأتي بيانه.

وفي تلك الأزمنة كان يشتغل دعاة الفاطميين باليمن وأفريقية فكانت الدعوة الإسماعيلية رتبت أن يكون في آن واحد بجميع الجهات الإسلامية حتى لا يكون لبني العباس قبل بملاقاة شرها وكذلك كان.

الدولة الأخشيدية:

في عهد الخليفة العباسي الراضي ظهرت الدولة الأخشيدية بمصر على يد مؤسسها محمد الأخشيد بن طغج وهو من موالي آل طولون وكان ملكه مصر سنة323 واستمر الملك في عقبه إلى سنة358 وهم الذين تسلم منهم الفاطميون مصر وهذا ثبت ملوكهم:

(1) محمد الأخشيد بن طغج (323-334)

(2) أبو القاسم أنوجر بن الأخشيد (334-346)

(3) أبو الحسن علي بن الأخشيد 346-355)

(4) أبو المسك كافور مولى الأخشيد (355-357)

(5) أبو الفوارس أحمدبنعلي بن الأخشيد (357-357)

آل سلجوق:

من عشائر الغز الكبير عشيرة السلاجقة تنسب إلى مقدمها سلجوق بن تقاق وكانت هذه العشيرة تقيم في بلاد تركستان تحت حكم ملك الترك المسمى بيغوا وكان تقاق مقدم العشيرة إلى قوله يرجعون وعن أمره يصدرون وولد له ابنه سلجوق بذلك الإقليم فلما كبر ظهرت عليه أمارات النجابة ومخايل التقدم فقربه ملك الترك وجعله قائد الحقد (شباسي) وكانت امرأة تخوفه من سلجوق لما ترى من طاعة الناس له فأغرته بقتله وبلغ سلجوق ذلك الخبر فجمع عشيرته وهاجر إلى ديار الإسلام واعتنق الحنيفية فازداد بذلك عزا إلى عزه وأقام بنواحي جند (على طرف سيحون من حدود الترك) وصار يشن الغارة على بلاد الترك.

في تلك الأوقات قام النزاع بين أحد ملوك السامانية وهارون بن أيلك خان وقد استولى هارون على بعض بلاد فرأى أن يضرب الحديد بالحديد فاستنجد سلجوق فأنجده بابنه أرسلان في جمع من أصحابه فقوي بهم الساماني واسترد من خصمه ما أخذه وهذه أول صلة بين عشيرة السلاجقة والسامانية.

لم يزل سلجوق بجند حتى توفي له ثلاثة من الأولاد هم أرسلان وميكائيل وموسى فأما ميكائيل فغزا غزوة في بلاد الترك فاستشهد وبقيت أولاده وهم بيغوا وطغرلبك محمد وجغري بك داود فأطاعتهم عشيرتهم.

لما انقرضت دولة السامانية سنة 389 وملك أيلك خان عظم محل أرسلان بن سلجوق بما وراء النهر وكان على تكين أحد قواد السامانية في حبس أرسلان خان فهرب ولحق ببخارى واستولى عليها واتفق مع أرسلان بن سلجوق فامتنعا واستفحل أمرهما وقصدهما أيلكك فهزماه وبقيا ببخارى.

لما عبر محمود سبكتكين النهر إلى بخارى للاستيلاء على بلاد ما وراء النهر هرب علي تكين من بخارى وأما أرسلان بن سلجوق وجماعته فإنهم دخلوا المفازه والرمل فاحتموا من محمود فرأى من قوتهم ما هاله وأراد أن يستعمل معهم الحيلة فكاتب أرسلان واستماله ورغبه فورده عليه فلم يكن من محمود إلا أن قبض عليه وسجنه في قلعة ونهب خركاته ثم أمر عشيرته فعبروا نهر جيحون وفرقهم في بلاد خراسان فلم يطمئنوا بها من جور العمال عليهم فسار منهم أهل ألفي خركاه فلحقوا بأصبهان ومنها إلى أذربيجان ودخلوا مراعة سنة 429 وأحرقوا جامعها وقتلوا من عوامها مقتلة عظيمة فعظم الأمر على أهلها واشتد بهم البلاء.

رأى ذلك أكراد أذربيجان وكانوا مختلفين فاتفقت كلمتهم على هؤلاء المفسدين فانتصفوا منهم رأي الغز أنهم لا مقام لهم هناك فافترقوا فرقتين فطائفة سارت إلى الري ومقدمهم بوقاً وطائفة سارت إلى همذان ومقدمهم منصور وكوكتاش.

أما الذين ذهبوا إلى الري فإنهم استولوا عليها ونهبوها نهباً فاحشاً وسبوا النساء وبقوا كذلك خمسة أيام حتى لجأت الحرم إلى الجامع وتفرق الناس كل مذهب ومهرب وكان السعيد من نجا بنفسه وكادوا يستأصلون أهل الري.

وأما الذين ساروا إلى همذان فإنهم ملكوها أيضاً من يد بني بويه سنة420.

ولما دخلوها نهبوها نهباً منكراً لم يفعلوه بغيرها من البلدان غيظاً منهم وحنقاً عليهم حيث قاتلوهم أولاً وأخذوا الحرم وضربت سراياهم إلى أسداذبان وقرى الدينور واستباحوا تلك البلاد.

ولم يزالوا على هذا الإفساد والتخريب حتى ظهرت السلاجقة وخرج إبراهيم ينال أخو طغرلبك إلى الري فلما علموا بمسيره جفلوا من بين يديه وفارقوا بلاد الجبل قاصدين أذربيجان فلم يمكنهم القيام بها لما فعلوه بها أولاً ولأن إبراهيم ينال وراءهم وكانوا يخافونه لأنهم كانوا له ولأخيه طغرلبك رعية فساروا إلى ديار بكر وأميرها سليمان بن نصر الدولة بن مروان فأخربوا ونهبوا أعمالها إلى أن بذل لهم سليمان ما لا ليفارقوا عمله.

أما من كان من أولاد ميكائيل بن سلجوق فإنهم أقلعوا بنواحي بخارى كما قدمنا فغص بمكانهم أمير بخارى علي تكين فأعمل الحيلة في الظفر بهم فأرسل إلى يوسف بن موسى ابن سلجوق ومناه الإحسان وفوض إليه التقدم على جميع الأتراك الذين في ولايته ولقبه بالأمير إينانج بيغو وأراد بذلك أن يستعين به وبعشيرته على ابني عمه طغرلبك وداود وأن يفرق كلمتهم ويضرب بعضهم ببعض فلم تجر هذه الحيلة على يوسف فل يكن من علي تكين إلا أن قبض عليه وقتله بيد أمير من أمرائه فعظم على ابني عمه فجمعا قومهما للأخذ بثأره وجمع على تكين جيوشه فكان النصر لطغرلبك وأخيه ثم احتشد علي تكين مرة ثانية وأوقع بالسلاجقة وقعة كانت عليهم شديدة ألجأتهم إلى عبور النهر نحو خراسان فكتب إليهم خوارزمشاه هارون بن التونتامش ملك خوارزم يستدعيهم للاتفاق معه فساروا إليه وخيموا بظواهر خوارزم سنة426 واطمأنوا إلى خوارز مشاه ولكن غدر بهم وكبسهم وهم غارون فقتل منهم جمعاً فساروا على خوارزم إلى مفازة نسا ثم كتبوا إلى الملك مسعود بن محمود بن سبكتكين يطلبون منه الأمان ويضمنون أن يكونوا عوناً له على من يعاديه فلم يفعل وسير إليهم جيوشه فلقيتهم عند نسا فأوقع السلاجقة بجيش مسعود ولما بلغه ذلك ندم على رده طاعتهم وعلم أن هيبتهم تمكنت من قلوب عسكره فأرسل إليهم يتهددهم ويتوعدهم فكتب إليه طغرلبك هذه الآية {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} فلما ورد الكتاب على مسعود كتب من ثانية يعدهم المواعيد الجميلة ويأمرهم أن يرحلوا إلى آمل على شاطىء جيحون وينهاهم عن الشر والفساد وأقطع داهستان لداود وداهستان مدينة عند مازندان بناها عبد اللَّه بن طاهر بين جرجان وخوارزم آخر حدود طبرستان وأقطع نسا لطغرلبك وأقطع فراوة لبيغو وفراوة بلدة مما يلي خوارزم بناها عبد اللَّه بن طاهر.

علم ذلك مسعود فاضطر أن يسير بنفسه من غزنة جيوش حتى وصل بلخ ومنها سار في أول رمضان سنة429 واستعد له السلاحقة فلما التقى الفريقان كان التعب قد أخذ من عسكر مسعود فاجتاحهم السلاجقة واضطر مسعود أن ينهزم ومعه مائة فارس وغنم السلاجقة من هذا العسكر ما لا يدخل تحت الإحصاء فقسمه داود على عسكره وآثرهم على نفسه.

 

عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

لد الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة في 12 ربيع الأول من عالم القيل الموافق

20 إبريل 571 ميلادي .

عاش في مكة المكرمة وبعث في أم القرى وبلغ الرسالة ، وخرج على قريش سرا ثم جهر بالدعوة لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى على كافة المخلوقات الإنس والجن والعجم والعرب وقد بعثة الله وكان عمره 40 عاما . وبقي في مكة 13 عاما فأمره الله سبحانه وتعالى بالهجرة إلى المدينة المنورة وعمره 53 عاما .

أطلق الرسول على اللذين هاجروا إلى يثرب ( المهاجرين ) وأطلق على الأوس والخزرج من أهل المدينة اللذين ناصروه ( الأنصار ) .

وعلى يثرب ( دار الهجرة ) المدينة المنورة حاليا . وفي عام 11 من الهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة الموافق 632م مرض الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر صفر فتوفاه الله في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام 11 من الهجرة . الموافق 8 حزيران يونيه 632م . فدفن في غرفة عائشة رضي الله عنها وكان عمره 63 عاما عليه أفضل الصلاة والسلام . وهكذا استمر التاريخ منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة حتى وقتنا الحاضر .

النقود في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين :

لم يكن للعرب نقود خاصة يتعاملون بها يداولونها . فقد كانت نقودهم تجلب من منطقتين هي الشام شمال الجزيرة العربية ومن اليمن جنوب الجزيرة العربية .

فكانت تأتي من الشام الدنانير الذهبية وهي دنانير الأباطرة البيزنطيين أو النقود الفضية من دراهم الفرس الساسانيين من اليمن كانت تأتي النقود الحميرية .

فلما جاء الإسلام أقر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هذبه النقود على ما كانت عله في ذلك الوقت . وتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم بها أيضا فقد أخذ الرسول مهرا لابنته فاطمة عندما زوجها عليا كرم الله وجهه ( 480 ) درهما . وفرض الرسول صلى الله عليه وسلم الزكاة أي على كل خمس أوقيات من الفضة ( خمس دراهم ) وفي كل عشرين دينارا ( نصف دينار )

* بعد أن أقر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه النقود نجد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عمل بما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يغير منها شيئا . ولما تولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة وفتح الله على المسلمين بلاد فارس أقر النقود الساسانية كما هي بلغتها وأشكالها الفهلوية وشعائرها غير الإسلامية .

ويذكر المقريزي أن عمر بن الخطاب في عام 18هـ ضرب دراهم على نفس النقوش والكتابات والصور الكسروية إلا أنه زاد عليها عبارة ( الحمد لله ) وفي بعضها ( محمد رسول الله ) وفي بعضها ( لا إله إلا الله وحده ) ولما بويع عثمان بن عفان رضي الله عنه بالخلافة ضرب دراهم ونقش عليها عبارة ( الله أكبر ) .

والجدير بالذكر أن خالد بن الوليد قد ضرب نقودا باسمه في طبرية سنة 15 أو 16 هـ جعلها على رسم الدنانير الرومية تماما وأبقى عليها الصليب والتاج الصولجان وعلى أحد وجهيها اسم خالد باليونانية ( XAAED ) ( وهذا القول يعود للدكتور ملر الذي يقول أنه مكتوب بالأحرف اليونانية ( Iy Bou ) على الدينار الذي ضربه خالد بن الوليد أنها مقتطفة من كنية خالد بن الوليد ( أبو سليمان ) ـ وربما تكون طبرستان وليست طبرية ـ وهذا يناقض ما ذكره المقريزي بأن عمر بن الخطاب هو أول من ضرب النقود في الإسلام .

الدولة العباسية 132هـ 656هـ ( 50 ـ 1258م )


م


الخليفة


الهجري


الميلادي


1


أبو العباس عبد الله السفاح


132-136


750-754


2


أبو جعفر المنصور


146-158


754-775


3


محمد المهدي


158-169


775-785


4


موسى الهادي


169-170


785-786


5


هارون الرشيد


170-194


786-809


6


محمد بن هارون الأمين


194-198


809-813


7


عبد الله بن هارون المأمون


198-218


813-833


8


أبو اسحاق بن هارون المعتصم


218-227


833-842


9


أبو جعفر بن هارون الواثق


227-232


842-847


10


جعفر المتوكل على الله


232-247


847-861


11


محمد المنتصر


247-248


861-862


12


أبو العباس أحمد المستعين


248-252


862-866


13


أبو عبد الله المعتز


252-255


866-869


14


محمد المهتدي بالله


255-256


869-870


15


أحمد المعتمد على الله


256-279


870-892


16


أحمد المتضد بالله


279-289


892-902


17


علي الكتفي بالله


289-295


902-908


18


جعفر المقتدر بالله


295-320


908-932


19


أبو المنصور محمد القاهر


320-322


932-934


20


أبو العباس أحمد الراضي


322-329


934-940


21


إبراهيم المتقي الله


329-333


940-944


22


عبد الله المستكفي بالله


333-334


944-946


23


القاسم المطيع الله


334-363


946-974


24


أبو بكر الطائع الله


363-381


974-991


25


أحمد القادر بالله


381-422


991-1031


26


عبد الله القائم بأمر الله


422-467


1031-1075


27


عبد الله المقتدي بأمر الله


467-487


1075-1094


28


أحمد المستظهر بالله


487-512


1094-1118


29


فضل المسترشد بالله


523-529


1118-1135


30


المنصور الراشد بالله


529-530


1135-1136


31


محمد المتقي لأمر الله


530-555


1136-1160


32


يوسف المستنجد بالله


555-566


1160-1170


33


حسن المستضئ بأمر الله


566-575


1170-1180


34


أحمد الناصر بأمر الله


575-622


1180-1225


35


محمد الظاهر بأمر الله


622-623


1225-1226



36


منصور المستنصر بالله


623-640


1226-1242


37


عبد الله المستعصم بالله


640-656


1242-1258

وبعد أن رست الخلافة العباسية للخليفة العباسي الأول أبو العباس السفاح نود القول هنا أن النقود العباسية في بادئ الأمر لم تختلف عن نقود الأمويين بصفة عامة فظلت تضرب بنفس العبارات الأموية .

العصر العباسي الأول انتقال الخلافة إلى بني العباس

انتقلت الخلافة إلى بني العباس بعد نجاح الدعوة السرية التي أطلقها دعاتهم منذ بداية السنة المائة للهجرة في خراسان حتى سنة 132هـ, وفيها انكشف سر الدعوة التي كان ظاهرها الدعوة لاختيار خليفة من بيت آل النبي صلى الله عليه وسلم يرضى عنه المسلمون, وكان يطلق عليها (الرضى من آل محمد), إمعانا في الكتمان. ثم تبين أنها كانت تخفي الدعوة لبني العباس.

وفي يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول سنة 132هـ دخل الكوفة أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وبويع في مسجدها, وألقى في أهل الكوفة خطابا, بين فيه حق بني العباس في الخلافة, وجاء فيه مخاطبا إياهم: (…. وقد زدت في أعطياتكم مائة درهم فاستعدوا, فأنا السفاح المبيح, والثائر المبير) , فلقب بالسفاح.

ومن ذلك اليوم طوي علم بني أمية الأبيض وارتفع علم بني العباس الأسود. وأخذ عما السفاح عبد الله وصالح ولدا علي بن عبد الله العباسي يطاردون بني أمية بعد هزيمة مروان بن محمد آخر خلفائهم والقبض عليه في (بوصير) بمصر وقتله, فنبشوا قبور بني أمية في دمشق وأحرقوا ما تبقى من رفاتها وغدروا بجمع كبير من بني أمية في فلسطين فقتلوهم على شاطئ نهر ( فطرس) وتشتت من نجا منهم في الآفاق, وتشردت نساؤهم حتى باتوا من السائلين .

الخلافة العباسية

الخلفاء العباسيون ( في العصر العباسي الأول )

الخلفاء العباسيون

أبو العباس السفاح (عبد الله بن محمد الأمام )

أبوجعفر المنصور (عبدالله بن محمد الأمام )

المهـدي (محمد بن أبي جعفر المنصور )

الهـادي (موسى بن المهـدي )

الرشيد (هـارون بن المهـدي )

الأمين (محمد بن الرشيد )

المأمون (عبد الله الرشيد )

المعتصم (محمد بن الرشيد)

الواثق (هـارون بن المعتصم)

المتوكل (جعفر بن المعتصم )

المنتصر (محمد بن المتوكل )

مدة خلافة الخلفاء العباسيون وأعمارهم

ابوالعباس السفاح :أربع سنين وتسعة اشهـر توفي في ذي الحجة سنة136هـ عن 32عاما

أبو جعفر المنصور اثنتان وعشرون سنة توفي في ذي الحجة سنة 158هـ عن 62عاما
المهـدي بن المنصور : عشر سنين توفي في المحرم سنة 169هـ عن 43عاما
الهـادي بن المهـدي سنة وثلاثة أشهـر توفي في ربيع الأول سنة 170هـ عن 34عاما
الرشيد بن المهـدي : ثلاث وعشرون سنة وستة أشهـر توفي في جمادى الآخرة سنة 193هـ عن 44عاما
الأمين بن الرشيد:أربع سنين وستة أشهـر توفي في صفر سنة 197هــ عن 28عاما

المأمون بن الرشيد:عشرون سنة وخمسة أشهـر توفي في رجب سنة 218هــ عن 42عاما
المعتصم بن الرشيد:ثماني سنين وثمانية اشهـر توفي في ربيع الأول سنة 227هــ عن 48 عاما

الواثق بن المعتصم :خمس سنين وتسعة أشهـر توفي في ذي الحجة سنة 232 عن 36 عاما.

المتوكل بن المعتصم :أربع عشرة سنة وعشرة أشهر توفي في شوال سنة 247هـ عن 40عاما .

المنتصر بن المتوكل :ستة أشهر توفي في ربيع الآخر سنة 248هـ عن 40عاما .

الخلفاء العباسيون ( في العصر العباسي الثاني )
أسماء خلفاء بني العباس من سنة 251 إلى سنة 500 هـ مع ألقابهم ومدة خلافة كل منهم ونهاية حياته وأسماء أمهاتهم

المستعين بالله : أحمد بن الأمير محمد بن المعتصم بالله ( 248 – 252 هـ ) مدة خلافته ثلاث سنين وثمانية أشهر . خلع ثم قتل وعمره 32 سنة اسم أمه مخارق (أم ولد).

المعتز بالله : محمد بن المتوكل على الله ( 252 – 255 ) مدة خلافته أربع سنوات وستة أشهر . خلع وقتل وعمره 24 سنة أسم أمه قبيحة ( أم ولد).

المهتدي بالله : أحمد بن الواثق بالله ( 255-256هـ) مدة خلافته أحد عشر شهراً. قتل وعمره 34 سنة اسم أمه : وردة ( أم ولد).

المعتمد بالله : أحمد ابن المتوكل على الله ( 256 – 279 هـ) مدة خلافته ثلاث وعشرون سنة ، قيل مات مسموماً، وعمره 50 سنة اسم أمه : فتيان ( أم ولد).

المعتضد بالله أحمد بن الأمير طلحة ( الموفق بالله) ابن المتوكل على الله (279-289هـ) مدة خلافته تسع سنين وتسعة أشهر، قيل مات مسموماً وعمره 47 سنة ، أسم أمه : ضرار ( أم ولد).

المكتفي بالله : علي بن المعتضد بالله ( 289-295 هـ ) ، مدة خلافته ست سنين وسبعة أشهر. توفي وعمره 32 سنة أسم أمه : ( جيجك) أي ( زهرة) (أم ولد).

المقتدر بالله : جعفر بن المعتضد بالله ( 295-320هـ) مدة خلافته خمس وعشرون سنة .

القاهر بالله : محمد خلع وقتل وعمره 32 سنة اسم أمه شغب (أم ولد). بن المعتضد بالله ( 320-322هـ) مدة خلافته سنة وستة أشهر، سمل وخلع سنة 322 وتوفي سنة 339هـ.

الراضي بالله أحمد بن المقتدر بالله ( 322-329هـ) مدة خلافته ست سنين وعشرة أشهر، توفي وعمره 32 سنة أسم أمه : ظلوم ( أم ولد.

المتقي بالله : إبراهيم بن المقتدر بالله ( 329-333هـ) مدة خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهراً . خلع سنة 333 هـ وسمل ومات مسجوناً سنة 357 هـ وعمره 60 سنة، اسم أمه: خلوب وقيل زهرة ( أم ولد).

المستكفي بالله (333 – 334 هـ) مدة خلافته سنة وأربعة أشهر، سمل وخلع سنة 334 هـ مات مسجوناً سنة 338 عن 42 سنة. اسم أمه : أملح الناس ( أم ولد).

المطيع لله الفضل بن المقتدر بالله ( 334 – 363 هـ) مدة خلافته تسعة وعشرون عاماً وخمسة أشهر، خلع وتوفي سنة 363 هـ أسم أمه : مشعلة (أم ولد).

الطائع لله عبد الكريم بن المطيع لله ( 363 – 381 هـ) ومدة خلافته ثماني عشرة سنة . خلع سنة 381 وتوفي سنة 393 هـ عن 61 سنة اسم أمه : هزار (أم ولد).

القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله ( 422 – 467 هـ) . مدة خلافته أربعة وأربعون سنة وبضعة أشهر. توفي عن 76 سنة أسم أمه : تمنّي ( أم ولد).

المقتدي بأمر الله عبد الله بن الأمير محمد بن القائم بأمر الله ( 467 – 487 ) . مدة خلافته عشرون سنة وبضعة أشهر . توفي عن 38 سنة، قيل إن جاريته شمس النهار سمّمته. اسم أمه : أرجوان، وقيل قرة العين (أم ولد).

المستظهر بالله : أحمد بن المقتدي بأمر الله ( 487 – 512 هـ).
العصر العباسي الثالث السمات المميزة للعصر العباسي الثالث

هذا العصر هو امتداد للعصر العباسي الثاني, وهو يبدأ وفقا, للتقسيم الذي اعتمدناه في تحديد سني الأحداث, بخلافة المستظهر بالله سنة 487هـ وينتهي باجتياح المغول مدينة بغداد سنة 656هـ وقتلهم الخليفة المستعصم بالله وهو آخر خلفاء بني العباس وبقتله ختمت الدولة العباسية.

دولة الأدارسة

تكونت دولة الأدارسة في المغرب الأقصى برئاسة إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حيث بويع في مدينة ( وليلي ) من المغرب الأقصى يوم الجمعة 4 رمضان سنة 172 هـ أيام خلافة هارون الرشيد . وقد أسسوا مدينة فاس وبنوا فيها المدارس العلمية وانشأوا فيها المكتبات و استمروا في نشر المعارف الدينية إلى أن انتهى أمر خلافتهم سنة 309 هـ على أيدي الفاطميين .

دولة العلويين

تكونت دولة العلويين في طبرستان برئاسة الحسن بن زيد المنتهي نسبه إلى أمير المؤمنين علي (ع) في سنة 250 هـ وعلى أيديهم اسلم أهل الديلم و الجبل وذهبوا مذهب التشيع ونال على أيديهم الفقهاء حسن الكرامة وعظيم المنزلة و استمرت دولتهم لسنة 316 هـ .

دولة البويهيين

ظهور دولة البويهيين برئاسة أبي شجاع الملقب بعماد الدولة وكان ابتداء سلطانه في شيراز سنة 321 هـ وكان لهم الحب العظيم للعلم والعلماء وفتحوا المدارس وعمروا ما خرب منها ودروا على الفقهاء وباقي أرباب العلوم الأرزاق و استمرت سلطتهم لسنة 447 هـ .

دولة الفاطميين

السادس منها :ظهوردولة الفاطميين في بلاد المغرب سنة 296 هـ برئاسة عبيد الله المهدي الذي اعتنق مذهب الإسماعيلية و قد بنوا القاهرة و أنشأوا فيها جامع الأزهر سنة 358 هـ و الجامعات و الكليات ودار الحكمة و المكاتب العامة وينسب للدروز الاعتقاد بأن الحاكم بالله الخليفة الفاطمي قد غاب سنة 411 هـ و استمرت دولتهم لسنة 567 هـ .

دولة الحمدانيين

ظهور دولة الحمدانيين برئاسة حمدان التغلبي سنة 281 هـ وقد قامت بخدمة العلم و العلماء و الفقهاء و استمرت دولتهم لسنة 392 هـ .

الدولة اليعفرية:

في آخر عهد المتوكل ابتدأت الدولة اليعفرية بصنعاء وكان جدهم عبد الرحيم بن إبراهيم الحوالي نائباً عن جعفر بن سليمان بن علي الهاشمي الذي كان والياً للمعتصم على نجد اليمن وصنعاء وما إليها ولما توفي عبد الرحيم قام في الولاية مقامه ابنه يعفر بن عبد الرحيم وهو رأس الدولة ومبدأ استقلالها إلا أنه كان يهاب آلزياد ويدفع لهم خراجاً يحمل إلى زبيد كأنه عامل لهم ونائب عنهم وكان ابتداء استقلال يعفر بن عبد الرحيم سنة247 واستمر ملك صنعاء في أعقابه إلى سنة387 وهذه أسماء ملوكهم

(1) يعفر بن عبد الرحيم (247- 259)

(2) محمد بن يعفر (259- 279)

(3) عبد القادر أحمد بن يعفر (279- 279)

(4) إبراهيم بن محمد (279-285)

(5) أسعد بن إبراهيم (285- 288)

فترة لأئمة صنعاء والقرامطة(288-303)

(6) أسعد بن إبراهيم مرة ثانية (303-332)

(7) محمد بن إبراهيم (332-3352)

(8) عبد اللَّه بن قحطان 352-387)

بعد تلك الواقعة عاد طغرلبك إلى نيسابور فملكها ثانية آخر سنة 441 وسكن الناس وطمأنهم بعد أن كانوا في شدة من الفوضى ثم ملك داود بلخ وفي سنة 433 ملك طغرلبك وجرجان وطبرستان من يد أنو شروان بن منوجهر بن قابوس وشمكير. وفي سنة434 ملك خوارزم.

لما تم له ذلك سار يريد الري وبلاد الجبل وكان قد سبقه إليها أخوه لأمه إبراهيم ينال واستولى على الري فلما سمع بقدومه سار إليه وسلمه إياها وجميع ما ملك من بلاد الجبل فأمر طغرلبك بعمارة الري وكانت قد خرجت ثم سار إلى قزوين فملكها صلحاً وملك أيضاً همذان.

بذلك تم له ملك أصقاع كبيرة من البلاد الإسلامية وهي خوارزم وخراسان وبلاد الري ووصلت طلائع جنوده إلى البلاد العراقية أهم ذلك الملك أبا كاليجار صاحب العراق ولم يجد في نفسه قدرة على صد ذلك السيل فأرسل إلى طغرلبك في الصلح فأجابه إليه واصطلحا وكتب طغرلبك إلى أخيه إبراهيم ينال يأمره بالكف عما وراء ما بيده واستقر الحال على أن يتزوج طغرلبك بابنة أبي كاليجار ويتزوج الأمير أبو منصور بن أبي كاليجار بابنة الملك داود أخي طغرلبك وتم هذا في ربيع الأول سنة 439 وفي سنة441 خطب لطغرلبك بديار بكر. خطب له بها نظر الدولة بن مروان صاحبها وفي سنة 442 استولى على أصبهان ثم أطاعته أذربيجان وأرسل إليه من بها من الأمراء يبذلون له الطاعة والخطبة فأبقى بلادهم بأيديهم وأخذ رهائنهم ثم سار إلى أرمينية وقصد ملازجرد وهي للروم فحصرها وأخرب ما حولها وأثر في بلاد الروم آثاراً عظيمة وبلغ في غزوته هذه إلى أرزن الروم أرضروم ولما هجم عليه الشتاء عاد إلى أذربيجان ثم توجه إلى الري فأقام بها إلى سنة447 .

في هذا الوقت كانت الأحوال سيئة في بغداد فإن آل بويه قد تفرقت كلمتهم وزالت من القلوب هيبتهم فلم يكن يمكنهم أن يحفظوا بغداد لا من عدو طارىء ولا من عياريها ولصوصها فأعدوا الجمهور لقبول ما يغير من هذه الحال. ومما زاد الحال فساداً ما كان من أمر أبي الحارث أرسلان المعروف بالبساسيري وهو غلام تركي من مماليك بهاء الدولة فإنه أراد أن يزيل الخلافة عن بني العباس وكاتب الخليفة المستنصر العلوي بمصر ليدخل في طاعته ويخطب باسمه على منابر بغداد والخليفة العباسي عنده علم ذلك. فكتب إلى السلطان طغرلبك مستنجداً مستغيثاً وكانت هذه أمنيته فأظهر أنه يريد الحج وإصلاح طريق مكة والمسير إلى الشام ومصر وإزالة المستنصر العلوي صاحبها وكاتب أصحابه بالدينور وقرميسين وحلوان وغيرها فأمرهم بإعداد الأقوات والعلوفات فعظم الإرجاف ببغداد وفت أعضاد الناس. وصل طغرلبك إلى حلوان وانتشر أصحابه في طريق خراسان فأجفل الناس إلى غربي بغداد وأرسل طغرلبك إلى الخليفة يبالغ في إظهار العبودية والطاعة إلى الأتراك البغداديين يعدهم الجميل والإحسان فاتفق من بغداد من الرؤساء والأمراء على مكاتبة طغرلبك يبذلون له الطاعة والخطبة وفعلاً تقدم الخليفة إلى الخطباء بالخطبة لطغرلبك بجوامع بغداد فخطب له في يوم الجمعة 22 محرم سنة448 ودخلها طغرلبك في الخامس والعشرين منه وقبض على آخر سلاطين بني بويه وهو الملك الرحيم وبذلك انقضت دولتهم ووجدت بالعراق وما وراءه هذه الدولة الجديدة الفتية وهي دولة السلاجقة.

هذه العشيرة استولت على جل ما ملكه المسلمون وقد انقسمت إلى خمسة بيوت:

الأول: السلاجقة العظمى وهي التي كانت تملك خراسان والري والجبال والعراق والجزيرة وفارس والأهواز.

الثاني: سلاجقة كرمان.

الثالث: سلاجقة العراق.

الرابع: سلاجقة سوريا.

الخامس: سلاجقة الروم.

أما السلاجقة الكبرى فهي الدولة التي أسسها ركن الدين أبو طالب طغرلبك وحياتها93 سنة من سنة 429(1039)م إلى سنة522(1127) م وهذا ثبتها.

(1) ركن الدين أبو طالب طغرلبك (429-455)

(2) عضد الدين أبو شجاع ألب أرسلان(455-465)

(3) عضد الدين أبو الفتح ملكشاه (465-485)

(4) ناصر الدين محمود (485-487)

(5) ركن الدين أبو المظفر بركياروق (487-498)

(6) ركن الدين ملكشاه الثاني (498-498)

(7) غياث الدين أبو شجاع محمد (498-511)

(8) معز الدين أبو الحارث سنجر (511-522)

وقد انقضت دولتهم على أيدي شاهات خوازم.

وأما سلاجقة كرمان فكانوا من عشيرة قاروت بك بن داود بن ميكائيل بن سلجوق وهو أخو ألب أرسلان ومدة ملكهم 150 سنة من 432(1041 م إلى 583(1188) وهذا ثبت ملوكها.

(1) عماد الدين قرا أرسلان قاروت بك (433-456)

(2) كرمانشاه (456-467)

(3) حسين (467-467)

(4) ركن الدين سلطان نشاه (467-477)

(5) تورانشاه (477-490)

(6) أرانشاه (490-494)

(7) أرسلانشاه (494-536)

(8) مغيث الدين محمد الأول (536-551)

(9) محيي الدين طغريل شاه بهرامشاه (551-563)

أرسلانشاه الثاني

طرخان شاه

محمد الثاني (563-563)

وقد انقضت دولتهم على أيدي الغز التركمان.

وأما سلاجقة العراق وكردستان فقد ابتدأت دولتهم سنة511(1117) أي من عهد وفاة غياث الدين أبي شجاع محمد سابع ملوك السلاجقة وانتهت سنة590(1194 فبقيت79 سنة وانقرضت على أيدي شاهات خوارزم وهذا ثبت ملوكها.

(1) مغيث الدين محمود (511-525)

(2) غياث الدين داود (525-526)

(3) طغريل الأول (526-527)

(4) غياث الدين مسعود (527-547)

(5) معين الدين ملكشاه (547-548)

(6) محمد (548-554)

(7) سليمانشاه (554-655)

(8) أرسلانشاه (556-573)

(9) طغريل الثاني (573-590)

وأما سلاجقة سوريا فكانوا من بيت تتش بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق وقد ابتدأت دولتهم سنة487(1094) أي في أول عهد ركن الدين بركياروق خامس ملوك السلاجقة العظمى وانتهت سنة511(1117) فكانت حياتها24 سنة وانتهت على أيدي الدولتين النورية والأرتقية وهذا ثبت ملوكها.

(1) تتش بن ألب أرسلان (487-488)

(2) رضوان بن تتش (488-488)

(3) تقاق بن تتش في دمشق (488-507)

(4) ألب أرسلان أخرص بن رضوان (507-508)

(5) سلطانشاه بن رضشوان (508-511)

وأما السلاجقة الروم ملوك قونية وأقصرا فكانوا من بيت قطلمش بن إسرائيل بن سلجوق وقد ابتدأت دولتهم سنة في عهد جلال الدين أبي الفتح ملكشاه ثالث ملوك السلاجقة العظمى وانتهت سنة 700(1300) فمدة حياتها 230 سنة فهي أطول دول السلاجقة حياة وقد انتهت دولتهم على أيدي الأتراك العثمانيين والمغول وهذا ثبت ملوكها.

(1) سليمان بن قطلمش (470-475)

(2) قليج أرسلان داود بن سليمان (475-500)

(3) ملكشاه بن قليج أرسلان (55-510)

(4) مسعود بن قليج أرسلان (510-551)

(5) عز الدين قليج أرسلان بن ملكشاه (551-584)

(6) قطب الدين ملكشاه بن قليج أرسلان (584-588)

(7) غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان (588-597)

(8) ركن الدين سليمان بن قليبح أرسلان (597-600)

(9) قليج أرسلان بن سليمان (597-600)

(10) غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان ثانياً (601-607)

(11) عز الدين كيقاوس بن ملكشاه (607-616)

(12) علاء الدين كيقباذ بن ملكشاه (616-634)

(13) غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ (634-643)

(14) عز الدين كيقاوس بن كيخسرو (643-655)

(15) ركن الدين قليج أرسلان بن كيخسرو (655-666)

(16) غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان (666-682)

(17) غياث الدين مسعود بن كيقاوس (682-691)

(18) علاء الدين كيقباذ (691-700)

والذي كان يرتبط تاريخه من هذه البيوت بتاريخ الدولة العباسية لدخول بغداد في حوزتهم السلاجقة العظمى وسلاجقة العراق الذين كان لهم السلطان على العباسيين447 إلى سنة 590 أي 143 سنة.

استخلف من آل العباس في عهد الدولة السلجوقية تسعة خلفاء وهم:

26- عبد اللَّه القائم بأمر اللَّه القادر بن المقتدر.

27- عبد اللَّه المقتدي بااللَّه بن محمد بن القائم.

28- أحمد المستظهر بن المقتدي.

29- الفضل المسترشد بن المستظهر

30- المنصور الراشد بن المسترشد.

31- محمد المقتفي بن المستظهر.

32- يوسف المستنجد بن المقتفي.

33- الحسن المستضيء بن المستنجد.

34- أحمد الناصر بن المستضيء.

الحدث العظيم ببغداد:

في السنة التي تلت حكم السلاجقة ببغداد وهي سنة 448 كانت عند مدينة سنجار وقعة شديدة بين البساسيري ومعه نور الدولة دبيس بن مزيد الأسدي وبين قريش بن بدران العقيلي ومعه قتلمش ابن عم السلطان طغرلبك انهزم فيها قريش وقتلمش فوصل خبر هذه الواقعة إلى السلطان بعد أن أقام ببغداد ثلاثة عشر شهراً لم يقابل فيها الخليفة فسار عنها بجيوشه فقاتل العرب بالموصل والجزيرة وانتصر عليهم وانتهى الأمر باستيلائه على جميع البلاد الموصلية والجزيرة وسلمها إلى أخيه لأمه إبراهيم ينال ثم عاد إلى بغداد في أوائل سنة449 وقابلالخليفة لأول مرة وفوض إليه الخليفة أمر إدارة البلاد وقد بالغ طغرلبك في احترام مقام الخلافة العباسية وخلع عليه الخليفة سبع خلع وتوج وعمم إشارة إلى جمعه بين ملك العرب والعجم وقلد سيفاً محلى بالذهب وخاطبه الخليفة بملك المشرق والمغرب فقبل يد الخليفة دفعتين ووضعها على عينه تبركاً، فعل ما فعل من ذلك التعظيم والإجلال تديناً.

وفي سنة450 ترك إبراهيم ينال بلاد الموصل وتوجه نحو بلاد الجبل ويقال إن المصريين كاتبوه وأطعموه في الملك فأهم ذلك السلطان وسار وراءه إلى همذان في ذلك الوقت عاد البساسيري بقوته وكن المصريون يساعدونه ويمدونه ولم يزل يجتاح البلاد حتى وصل بغداد في ثامن ذي القعدة سنة 450 واستولى عليها لأنه ليس بها جند يحميها وخطب بجامع المنصور لمعد المستنصر العلوي صاحب مصر وأذن بخير العمل وكانت العامة قد مالت إليه أما الشيعة فلاتحاد المذهب وأهل السنة فلما فعل بهم الأتراك.

أما الخليفة القائم فإنه خرج من قصره في ذمام رئيس العرب قريش بن بدران العقيلي استذم منه بذمام اللَّه وذمام رسوله صلى اللَّه عليه وسلم وذمام العربية فأعطاه ذلك ونزع قريش قلنسوته فأعاها الخليفة ثم حمله إلى معكسره وعليه السواد والبردة وبيده السيف وعلى رأسه اللواء وأنزله في خيمة ثم سلمه إلى ابن عمه مهاريش بن المجلي وهو رجل فيه دين وله مروءة فحلمه في هودج وسار به إلى حديثة عانة فتركه بها آمناً مطمئناً في ذمام العربية الذي يرى الخيانة عاراً.

أما البساسيري فإنه سار ببغداد سيرة ملك ورفعت على رأسه الألوية البيضاء التي أرسلت إليه من مصر ثم ملك بعد ذلك واسط والبصرة وهتف على منابر تلك البلاد باسم آل علي.

أما السلطان فإنه استنجد بأولاد أخيه أرسلان وياقوتي وقاورت بك فجاؤوه بالعساكر يتلو بعضها بعضاً فلقي بهم أخاه إبراهيم ينال بالقرب من الري فتغلب عليه وأسره ثم أمر به فخنق بوتر قوسه في تاسع جمادى الآخرة سنة451 ولما تم له ذلك عاد يطلب العراق وليس له هم إلا إعادة القائم بأمر اللَّه إلى خلافته ولما قارب بغداد أدرك البساسيري أنه لا قبل له بمقاومته فرحل عن بغداد وكان دخوله إليها سادس ذي القعدة سنة450 وخروجه منها سادس ذي القعدة سنة451 وكان السلطان قد أرسل وهو بالطريق إمام أهل السنة أبا بكر أحمد بن محمد المعروف بابن فورك إلى قريش بن بدران يشكره على ما فعله بالخليفة ويخبره أنه أرسل ابن فورك للقيام بخدمة الخليفة وإحضاره فأرسل قريش إلى ابن عمه مهارش يقول له أودعنا الخليفة عندك ثقة بأمانتك لينكف بلاء الغزو عنا والآن فقد عادوا وهم عازمون على قصدك فارحل أنت وأهلك إلى البرية فإنهم إذا علموا أن الخليفة عندنا في البرية لم يقصدوا العراق ونحكم عليهم بما نريد فأبى ذلك مهارش وقال إن الخليفة قد استحلفني بعهود ومواثيق لا مخلص منها وسار بالخليفة إلى العراق وقد لقيهما ابن فورك بتل عكبرا فساروا معاً حتى وصلوا إلى النهروان في 24 ذي القعدة فخرج السلطان إلى خدمة الخليفة فاجتمع به وقبل الأرض بين يديه وهنأه بالسلامة وأظهر الفرح بسلامته واعتذر عن تأخره بعصيان أخيه إبراهيم وأنه قتله عقوبة لما جرى من الوهن على الدولة العباسية فقلده الخليفة بيده سيفاً وقال لم يبق مع أمير المؤمنين من داره سواه وقد تبرك به أمير المؤمنين فكشف غشاء الخركاه حتى رآه الأمراء فخدموا وانصرفوا ثم ساروا جميعاً إلى بغداد وكان دخول الخليفة لخمس بقين من ذي القعدة سنة.

وفي سنة 465 توجه ألب أرسلان قاصداً بلاد الترك فعبر نهر جيحون ولكن المشيئة سابقته فسبقته. حكي عنه أنه قال وهو يقرب من الموت ما كنت قط في وجه قصدته ولا عدو أردته إلا توكلت على اللَّه وطلبت منه النصر وأما في هذه النوبة فإني أشرفت من تلٍ عال فرأيت عسكري فقلت أين من له قدر بمصارعتي ومعارضتي وإني أصل بهذا العسكر إلى بلاد الصين. فكان ما أراد اللَّه وكانت وفاته في 6 ربيع الأول سنة465.

ولى السلطانة بعده ولي عهده السلطان جلال الدولة أبو الفتح ملكشاه.

ولأوائل حكمه توفي الخليفة القائم بأمر اللَّه ثالث عشر شعبان سنة 467 فقام بالأمر بعده ولي عهده حفيده.

دَولَة الممَاليك

كان الترك الذين يؤسرون في الحروب يشكلون أكبر نسبة للرقيق وكانوا يجلبون من بلاد ما وراء النهر إذ كانت تلك الجهات مسرحاً دائماً للقتال وتمتد بلاد الترك إلى ما بعد تلك المناطق كثيراً حيث تتوغل إلى منغوليا وغيرها من بلدان أواسط آسيا، وتصل إلى بلاد الأفغان اليوم ونواحي واسعة من سيبيريا، وتتجه تلك الأقوام باستمرار نحو الغرب وتصطدم مع المسلمين، وتكون أعداد من الأسرى كبيرة، وإن كانت جموع أخرى تدخل ديار الإسلام ثم لا تلبث أن تدين بديانة أهل البلاد، وتعمل بعدئذٍ على نشر الإسلام ومحاربة أبناء جلدتها أيضاً، ومن هؤلاء السلاجقة والتركمان العز ثم العثمانيون و….

ثم غدا الصقالبة مصدراً آخر للرقيق، وكان يؤتى بهم من شرقي أوروبا إلى ألمانيا وفرنسا وايطاليا والأندلس حيث يباعون، وعمل اليهود في تجارة الرقيق وحصلوا على أموال وفيرة من وراء هذه التجارة، وغدت بعض الأسواق في أوروبا لهذا الرقيق الذاهب إلى البلدان الإسلامية وبيزنطة. “فإذا قدم بالمملوك تاجره، عرضه على السلطان فيشتريه ويجعله في طبقة جنسه، ويسلّمه إلى المختص برسم الكتابة، فأول ما يبدأ به تعليمه ما يحتاج إليه من القرآن الكريم. ولكل طائفة فقيه يأتيها كل يوم، ويأخذ في تعليمها القرآن، ومعرفة الخط والتمرين بآداب الشريعة الإسلامية، وملازمة الصلوات والأذكار. وصار الرسم إذ ذاك ألا تجلب التجار إلا المماليك الصغار، فإذا شبّ الواحد من المماليك، علّمه الفقيه شيئاً من الفقه، وأقرأه فيه مقدمة، فإذا صار إلى سن البلوغ أخذ في تعليمه فنون الحرب من رمي السهام ولعب الرمح ونحو ذلك، فيتسلّم كل طائفةٍ معلم حتى يبلغ الغاية في معرفة ما يحتاج إليه. وإذا ركبوا إلى لعب الرمح أو رمي النشاب، لا يجسر جندي ولا أمير أن يحدّثهم أن يدنو منهم، عند ذلك ينقل إلى الخدمة، وينتقل في أطوارها رتبةً بعد رتبةٍ إلى أن يصير من الأمراء، فلا يبلغ هذه إلا وقد تهذّبت أخلاقه، وكثرت آدابه، وامتزج تعظيم الإسلام وأهله بقلبه، واشتدّ ساعده في رماية النشاب، وحسن لعبه بالرمح، ومرن على ركوب الخيل. وقد كان لهم خدام وأكابر من النواب يفحصون الواحد منهم فحصاً شافياً ويؤاخذونه أشد المؤاخذة، ويناقشونه على حركاته وسكناته، فإن عثر أحد مؤدبيه الذي يعلمه القرآن، أو رأس النوبة الذي هو حاكم عليه، على أنه اقترف ذنباً، أو أخلّ برسم، أو ترك أدباً من آداب الدين أو الدنيا قابله على ذلك بعقوبةٍ شديدةٍ بقدر جرمه. فلذلك كانوا سادةً يدبّرون الممالك، وقادةً يجاهدون في سبيل الله، وأهل سياسةٍ يبالغون في إظهار الجميل ويردعون من جار أو تعدّى”.

كان هذا الوضع أيام الأيوبيين، ولم يختلف عند أيام المماليك إذ أخذوا عنهم كثيراً من تقاليدهم ونظمهم ولا غرابة في ذلك فهم ساداتهم.

وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب الملك الأيوبي السابع قد استكثر من المماليك الذين نسبوا إليه كالعادة – فهم المماليك الصالحية، وذلك خوفاً من اجتماع الملوك الأيوبيين عليه وخاصةً عمه اسماعيل، وقد أعطى هذا الملك الصالح الحرية لمماليكه هؤلاء حتى ضجّ منهم الناس فاضطر أن يبعدهم عن السكان فبنى لهم قلعةً خاصةً بجريرة الروضة عام 638، واتخذ من هذه القلعة مقراً لحكمه، وقد عرف هؤلاء المماليك بالبحرية إضافةً إلى الصالحية، والبحرية نسبةً إل جزيرة الروضة، وإن كانت هذه النسبة ليست خاصةً بهم إذ أطلقت على كثيرين غيرهم إذ جلبوا مما وراء البحار وخاصةً الصقالبة الذين جيء بهم عن طريق البحر.

توفي الملك الصالح نجم الدين أيوب وهو يقاتل الصليبيين عام 647، وكتمت زوجته شجرة الدر نبأ وفاته حتى وصل إلى مصر ابنه توران شاه الذي استدعته حيث قاد بنفسه قتال الصليبيين، على حين كانت هي تدير أمور المملكة وشؤون القتال باسم زوجها المتوفى ولا يعلم أحد خبر وفاته. ووصل الصليبيون إلى المنصورة، وجيوش المسلمين تتراجع، فجمع الأمير بيبرس البندقداري جماعة من المسلمين وقادهم وتمكن من إبادة الصليبيين الغزاة. كما قاد الأمير فارس الدين أقطاي المملوكي المماليك وهاجم الصليبيين وانتصر عليهم حتى أيقنوا بعدم إمكانية البقاء فانسحبوا إلى دمياط.

كان توران شاه قد وصل من بلاد الشام وقد الجيوش بنفسه واضطر لويس التاسع ملك فرنسا إلى طلب المهادنة والصلح بعد أن وقع أسيراً بأيدي المسلمين، وانتهت الحملة الصليبية السابعة حيث انسحب الملك لويس التاسع إلى عكا، ودفع جزيةً كبيرةً وفداءً له.

اختلف توران شاه مع المماليك فقتله الأميران فارس الدين أقطاي وبيبرس البندقداري عام 648، كما كان قد اختلف مع زوجة أبيه شجرة الدرّ التي عادت السلطة إليها بعد مقتل ابن زوجها، فعيّنت عزالدين أيبك، ثم تنازلت له بعد أن تزوجت به. وفي هذه الأثناء انسحب الفرنسيون من دمياط.

غضب الأيوبيون من سيطرة عزالدين أيبك، وسار الملك الناصر يوسف(1) صاحب حلب إلى دمشق فدخلها، وزحف نحو مصر غير أن عزالدين أيبك قد تمكن من ردّه وتحالف مع الملك لويس التاسع خوفاً من مداهمة الأيوبيين لمصر.

_______________________________________

(1) الملك الناصر يوسف ابن الملك العزيز محمد ابن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف الأيوبي.

أرسل هولاكو وفداً إلى عزالدين أيبك وفي الوقت نفسه أرسل إلى الملك الناصر يوسف.

عمل عزالدين أيبك الملك المعزّ على إنهاء معارضة الأيوبيين، بأن جعل أميراً أيوبياً بجانبه وقد اختار لهذه الإمرة طفلاً لا يزيد على السادسة من عمره، وهو الأشرف موسى بن يوسف بن المسعود بن الكامل، وكان جده المسعود صاحب اليمن، وهو المعروف باقسيس، أما أبوه فقد عاش في كنف الملك الصالح نجم الدين أيوب، لكن هذا الطفل لم يلبث أن توفي، غير أن هذه الطريقة لم تنطل على الأيوبيين فاستمرت المعارضة فأعلن أيبك ارتباط مصر بالخلافة العباسية وأن يحكمها نيابةً عن الخليفة العباسي المستعصم الذي بدأ يخطب له.

استمر الملك الأيوبي الناصر يوسف في معارضته لعزالدين، وعرض على ملك فرنسا لويس التاسع المقيم في عكا مساعدته مقابل تسليمه بيت المقدس غير أن الملك المعز قد هدد لويس التاسع بقتل الأسرى الصليبيين في مصر جميعهم إن اتفق مع الناصر يوسف، وفي الوقت نفسه عرض عليه التحالف معه مقابل أن يتنازل له عن نصف الفدية المقررة عليه، فرأى بعدئذٍ الملك لويس التاسع أن يقف على الحياد بين الطرفين مستفيداً من خصومتهما بعضهما لبعض أو عمل على التحريض بينهما.

زحف الملك الأيوبي الناصر يوسف على مصر، والتقى مع المماليك عند بلدة العباسة وأحرز النصر في بداية الأمر غير أنه قد هزم في الجولة الثانية إذ انضم جزء من مماليكه إلى المماليك، وفر الأيوبيون من الميدان، ورأى الملك المعز عزالدين أيبك ملاحقتهم، وعرض على ملك فرنسا الصليبي لويس التاسع دعمه مقابل تسليمه بيت المقدس إن أخذها، ورأى لويس التاسع الصليبي رجحان جانب المماليك فانضم إليهم حيث لم يرغب أن تفوته هذه الفرصة واحتل يافا بينما سار المماليك بإمرة فارس الدين أقطاي إلى غزة وكذا سار الملك الناصر يوسف نحو غزة ولكن لم تحدث لقاءات لأن الخليفة المستعصم قد أصلح بين الطرفين بحيث تكون مصر وجنوبي فلسطين بما فيها غزة وبيت المقدس للمماليك وتكون بقية بلاد الشام للأيوبيين وذلك عام 651، وبذا لم يسلّم المماليك بيت المقدس للصليبيين فلم خاب أمل الملك لويس التاسع عاد إلى فرنسا عام 652 وقد اضطر إلى ذلك إذ توفيت والدته التي كانت تحكم له فرنسا وباسمه.

قامت في هذه الأثناء حركة في الصعيد ضد المماليك وقد تزعمها شريف يُدعى حصن الدين إلا أن أيبك قد وجّه لهم قوةً بإمرة فارس الدين أقطاي فاستطاع أن يقمعها.

أصبح الأمير فارس الدين أقطاي أكبر الأمراء وأكثرهم شهرة، وينافس الملك المعز عزالدين أيبك، ويحمل عليه بعض تصرفاته في تعهده للملك الصليبي بتسليمه بيت المقدس، وتلقب فارس الدين أقطاي باسم الملك الجواد، وتزوج إحدى الأميرات الأيوبيات هي ابنة الملك المظفر تقي الدين محمود صاحب حماه، لكن الملك المعز عزالدين أيبك قد استدعى أقطاي لاستشاراته في بعض الموضوعات فسار إليه مع مجموعةٍ من مماليكه فلما وصل إلى القلعة دخلها إلا أن الباب قد أغلق دون مماليكه، وانهال عليه مماليك المعز أيبك بالضرب، وعلى رأسهم سيف الدين قطز، وقتلوه وأسرع أنصار أقطاي عندما علموا بالخبر لإنقاذه وعلى رأسهم الظاهر بيبرس البندقداري وقلاوون الإلفي ظناً منهم أنه لم يقتل بعد، ولكنهم لم يلبثوا أن أخبروا أن أمره قد انتهى، وهكذا انقسم المماليك إلى معزية وهم مماليك الملك المعز عزالدين أيبك، وصالحية أو بحرية، وهم مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب.

بدأ بعض أمراء المماليك البحرية يفرّون إلى ملوك بني أيوب في بلاد الشام وخاصةً إلى الملك الناصر يوسف الذي كان الخصم الأيوبي الأول لعزالدين أيبك والمتصالح معه حالياً لذا فإن الناصر يوسف قد طلب من الملك المعز أيبك أن يعطي هؤلاء المماليك جنوبي بلاد الشام فيكون قد أبعدهم خوفاً من شرّهم وفي الوقت نفسه يكون قد أرضاهم فلا تتفتت قوة المسلمين تجاه أعدائهم إلا أن هذا الطلب من الملك الناصر يوسف قد أخافه، واعتقد دعمه للمماليك البحرية، واتفاقه معهم على أمر، لذا فقد استعد وأقام بالعباسة استعداداً لأي طارئ، وبقي على حالة استعداده أو استنفاره مدة ثلاث سنوات، وعاد بعدها إلى القاهرة بعد أن تمّ حيث أرسل الخليفة العباسي المستعصم رسولاً هو نجم الدين البادراني فأصلح بينهما على أن يكون للملك المعز عزالدين أيبك مصر وساحل بلاد الشام. ولجأ المماليك البحرية بعد هذا الصلح الذي دارت بنوده بين الملك المعز عزالدين أيبك المملوكي والملك الناصر يوسف الأيوبي لجؤوا إلى الملك المغيث عمر(1) صاحب الكرك الذي كان يطمع أيضاً ببلاد مصر.

أراد الملك المعز عزالدين أيبك أن يحصر المغيث عمر فراسل صاحب الموصل بدرالدين لؤلؤ وخطب ابنته فوقعت الغيرة في نفس شجرة الدر زوجة أيبك وعملت على التخلص من زوجها فراسلت الملك الأيوبي الناصر يوسف تحرّضه على غزو مصر وتتعهد له بدعمه للتخلص من أيبك ولكن لمتجدعنده ذلك الحماس، فعملت مع المماليك واستطاعت قتله عام 655هـ.

اختلف المماليك بعضها مع بعض فالصالحية منهم تناصر شجرة الدر، والمعزية تعارضها، وأصبح الأمير علم الدين سنجر الحلبي مقدم المماليك الصالحية غير أن المماليك المعزية قد قبضوا عليه وسجنوه وتغلبوا على الأمر وبدأت المماليك الصالحية تفرّ إلى ملوك الأيوبيين في بلاد الشام وخاصة إلى المغيث عمر صاحب الكرك وتحرّضه على أخذ مصر، وقد حاول مرتين 655 و 656 غير أنه فشل في كلتا المحاولتين بجهود سيف الدين قطز. أما المماليك المعزية فقد قدموا عليهم نورالدين علي بن عزالدين أيبك الذي غدا سلطاناً لمصر، أما الذي يقوم بالنيابة عنه فهو الأمير سيف الدين قطز، ولكن لم يلبث قطز أن عزل نورالدين علي وتسلم السلطنة بنفسه بحجة أن الأول كان ضعيفاً

(1) المغيث عمر : ابن الملك العادل محمد ابن الملك الكامل محمد ابن الملك العادل سيف الدين محمد ابن نجم الدين أيوب.

وظروف البلاد تقتضي رجلاً قوياً، فالأيوبيون لا يزالون يطمعون في مصر والخطر الخارجي على ديار الإسلام يتمثّل في عدوين شرسين هما التتار والصليبيون.

استولى التتار بقيادة هولاكو على بغداد عام 656 وخاف الملك الناصر يوسف فراسل هولاكو يجامله، ويطلب منه الدعم لأخذ مصر غير أنه لم يحدث بين الطرفين ما يدعو إلى التفاهم. وزحف التتار إلى بلاد الشام ووجد الناصر يوسف نفسه ضعيفاً أمام جحافل التتار فاتصل بالمماليك وطلب منهم المساعدة.

استولى التتار على حلب في صفر عام 658، ثم استولوا على ميافارقين بإمرة يشموط بن هولاكو بعد أن دافع عنها أهلها دفاعاً مستميتاً لم يعرفه المغول من قبل، واستشهد صاحبها الملك الأيوبي الكامل محمد(1)، وخضع الملك الأشرف موسى(2) صاحب تل باشر فأعطاه هولاكو إمارة حمص مكافأةً له، وكان الملك الناصر يوسف قد انتزعها منه منذ عام 646، وزحف هولاكو نحو دمشق ففرّ منها الناصر يوسف واتجه إلى غزة فاستقبله سيف الدين قطز ومن معه، وبدأ قطز يتقرّب من جيش الناصر يوسف ويضم أمرؤه إليه، حتى لم يبقى مع الناصر يوسف إلا قليل فذهب بهم إلى جنوب الأردن حيث استقر قرب الجفر ليعيش منزوياً بمن معه منعزلاً عن الأحداث التي تدور في بلاده، وعلم هولاكو بهذا فأرسل مجموعة من الجند إلى الجفر وأحضرت الناصر يوسف، فاستقبله هولاكو استقبالاً كريماً ورأى فيه ضالته، ومنّاه بالتربع على عرش دولةٍ أيوبية تشمل مصر والشام تحت حمى التتار، وقدّمه على الأشرف موسى إذ وجد في الأول خيراً له لما عنده من إمكانات وطاقات.

حاصر هولاكو دمشق في ربيع الأول عام 658 وشدّد الحصار حتى استسلمت في ربيع الثاني أما القلعة فقد صمدت حتى 21 جمادى الآخرة من العام نفسه غير أنها سلمت من التهديم لالتماس أعيانها لديه، واتجه هولاكو نحو انطاكية بعدها.

وصل إلى هولاكو نبأ وفاة أخيه مانغو خان التتار الأعظم، لذا فقد ترك بلاد الشام بعد أن ولّى عليها مكانه القائد كتبغانوين، واتجه إلى قره قورم حاضرة التتار لحضور اجتماع رؤساء التتار لانتخاب الخان الأعظم لهم، وهو يطمع أن يحصل على هذا المنصب لما قدم من خدمات لهم بمد نفوذهم إلى العراق والشام، فلما وصل إلى تبريز بلغه خبر انتهاء الاجتماع وإتمام عملية الانتخاب، واختيار أخيه قوبلاي خاناً أعظم للتتار، فسكت احتراماً لأخيه.

أما المماليك البحرية الذين فرّوا إلى بلاد الشام خوفاً من المماليك المعزية وأميرهم سيف الدين

(1) الكامل محمد : ابن الملك المظفر غازي بن الملك العادل سيف الدين محمد ابن نجم الدين أيوب.

(2) الأشرف موسى : ابن المنصور ابن الملك المجاهد أسدالدين شيركوه ابن ناصر الدين محمد بن أسدالدين شيركوه بن شادي، ولم يكن ليسيطر إلا على تل باشر قرب الرها.

قطز، واتجهوا إلى الملوك الأيوبيين وخاصةً إلى الناصر يوسف والمغيث عمر فقد رجع بعضهم إلى مصر خوفاً من المغول، وترك بعضهم الآخر الناصر يوسف الذي تفاهم مع التتار على كرهٍ منه، أو اعتزل بعد فراره من التتار وانضمام جيشه في غزة إلى سيف الدين قطز هؤلاء قد ساروا إلى المغيث عمر صاحب الكرك ومنهم الظاهر بيبرس البندقداري، وبدؤوا يُغيرون على أملاك الناصر يوسف الجديدة، وهذا ما جعل الناصر يوسف يسير بجيش إلى الكرك ويحاصرها ووجد المماليك أنفسهم في وضع خطير وخاصةً الذين كانوا بجانب الناصر يوسف وفرّوا من عنده مغاضبين لموقفه حتى ليقال إن الظاهر بيبرس كان قد عرض على الناصر يوسف إعطاءه أربعة آلاف مقاتل للوقوف في وجه التتار عندما أرادوا عبور نهر الفرات لمنعهم من ذلك لكن الناصر يوسف لم يستجب لهذا الطلب، في هذا الوقت عفا قطز عن المماليك البحرية فبدؤوا يتجهون نحوه من بلاد سلاجقة الروم، ومن الكرك، ومن دمشق وغدا المماليك مرة أخرى مجموعة واحدة، واستقبل قطز هؤلاء استقبالاً لائقاً وخاصةً بيبرس إذ أنزله بدار الوزارة وذلك عام 658.

بعد أن سقطت دمشق بيد التتار أرسل هولاكو وفداً إلى الأمير سيف الدين قطز يحمل رسالةً كلها تهديد ووعيد، فعقد قطز اجتماعاً ضمّ أمراء المماليك فكان الرأي العزم على الحرب، فقبض قطز على رجال وفد هولاكو وأعدمهم، وعرض أجسادهم للناس، وأخذ قطز يحشد الحشود، ويفرض الضرائب فوجد معارضةً من العلماء على هذه الضرائب وعلى رأسهم العز بن عبد السلام الذي أعلن أن على الأمير إذا أراد فرض الضرائب أن يأخذ قبل ذلك الحلي التي في بيته وبيت أمثاله من الأمراء وأن يضربها نقوداً فإن لم تف بالحاجة يفرض بعضها الضرائب فامتثل قطز بذلك وفعل ما وجّه إليه.

وتمّ الاستعداد، وأرسل قطز حملةً استطلاعيةً بإمرة الظاهر بيبرس البندقداري إلى جهات غزة فانتصر على حملة تتارية متقدمة، وبقي يناور التتار كي لا يعلموا بتحرك الجيش الرئيسي الذي يقوده سيف الدين قطز.

سار سيف الدين قطز بجيشه مع الساحل الشامي باتجاه عكا، وهدد الصليبيين إن بدرت منهم أية بادرة شرّ، وطلب منهم أن يكونوا على الحياد إن لم ينصروا المسلمين، ولم يكن وضعهم يومئذٍ بالذي يساعدهم على التحرك سواء أكان بجانب المسلمين أم بجانب التتار. ووافى الأمير سيف الدين قطز قائده الظاهر بيبرس عند عين جالوت، وتدفق التتار إلى ذلك الميدان، واحتدمت المعركة وهجمت ميمنة التتار على ميسرة المسلمين، فتقدم أمير الجيش الإسلامي سيف قطز والقى بخوذته على الأرض أمام الأمراء وصاح بأعلى صوته “وإسلاماه” واندفع نحو التتار يقاتل والتف حوله جنود المسلمين، انقضوا على التتار فأفنوهم، وقُتل قائد التتار كبتغا في ميدان المعركة وأُسر ابنه.

ووصلت أخبار معركة عين جالوت إلى دمشق فابتهج المسلمون وانطلقوا يهاجمون التتار ويعملون بهم ذبحاً، وشملت هذه المذبحة النصارى أيضاً الذين وقفوا فجانب التتار وأعانوهم على المسلمين، واستأسدوا على المسلمين أثناء حكم التتار، ولم يستتب الأمن بدمشق إلا بدخول قطز إليها في 27 رمضان عام 658 أي بعد استسلام قلعتها بثلاثة أشهر وستة أيام وهذه المدة لتي حكم التتار فيها دمشق. وبدأ التتار يفرون من بلاد الشام خوفاً من انتقام المسلمين منهم، وتمكن قطز من فتح بلاد الشام بعدة أسابيع، وأعاد بعض الملوك الأيوبيين إلى ممالكهم بعد أن أخذ المواثيق والعهود عليهم بالولاء ودفع الإتاوات السنوية للسلطان في مصر، وكذلك أقطع أمراء المماليك إقطاعاتٍ واسعةً إذ أعطى علم الدين سنجر الحلبي نيابة يحكمها باسمه، ومنح حلب إلى الملك السعيد علاء الدين بن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، وكان الظاهر بيبرس يرغب بها، وقد طلبها من قطز لملاحقة التتار فلم يقبل منه فأصبح بنفسه شيء عليه.

عاد المماليك إلى مصر، وقتل الظاهر بيبرس أميره سيف الدين قطز وربما كان للخلاف السابق بين المماليك البحرية الذين منهم بيبرس والمماليك المعزية الذين منهم قطز، وقد اضطر المماليك البحرية للعودة إلى مصر بعد أن فرّوا منها عندما لم يجدوا لهم مقاماً في الشام لهجوم التتار فكان لابدّ من الاتفاق لحماية ديار الإسلام، فلما أصبحت ديار الإسلام في أمان من هجوم التتار عاد الخلاف وظهر من جديد، وقتل قائد جناح المماليك البحرية أمير المماليك المعزية، وربما كان سبب هذا القتل ما بقي في نفس بيبرس من قطز عندما رفض إعطاءه ولاية حلب، وهو يريد أن يتابع التتار ويستعيد للمسلمين أرضهم، وعلى كل فقد قتل الأمير سيف الدين قطز، واتفق أمراء المماليك على تعيين الظاهر بيبرس سلطاناً على مصر.

إن انتصار المماليك في عين جالوت قد جعل دعايةً واسعةً لهم وخاصةً أن الناس كانوا لا يتصورّون هزيمةً كهذه الهزيمة تلحق بالتتار بسبب الرعب الذي أصابهم والهلع الذي ملأ قلوبهم.

إن الهجوم الصليبي الشرس من الغرب على ديار الإسلام والغزو التتاري الوحشي من الشرق ودعم النصارى الذين عاشوا في كنف المسلمين منذ فجر الإسلام إلى كلا العدوين الصليبي والتتاري والحقد الواضح الذي بدا منهم كل هذا جعل المسلمين يعودون قليلاً إلى دينهم، كما كانت دعوة حكامهم بالدرجة الأولى إلى وحدة صفوف المسلمين للوقوف في وجه الأعداء وخاصةً أولئك التي تعرّضت بلادهم للتخريب الصليبي أو للتدمير التتاري، لذلك اعترف المماليك بسلطة الخلافة العباسية عليهم، والخلافة هي محطّ أنظار المسلمين في كل مكان، ويمكن أن يلتفّ حولها المسلمون، وتتوحد كلمتهم بها، ولا يوجد في ديار المسلمين سوى خليفةٍ واحدٍ لذا فهو الذي يمكن أن يحمل راية الجهاد ويقاتل المسلمون جميعاً تحت هذه الراية. وهذا الاعتراف بالخلافة العباسية قد أكسبهم الصفة الشرعية التي اعترف العباسيون بحكمهم، وفي الوقت نفسه فقد أكسبهم القوة، وعندما سقطت بغداد بيد التتار عام 656 قام المماليك يحملون عبء الجهاد، وقد وفقوا في ذلك فأنزلوا بالتتار هزيمة عين جالوت عام 658.

كان الملك المظفر سيف الدين قطز قد استناب على دمشق الأمير علم الدين سنجر الحلبي فلما قتل قُطز نادى سنجر بنفسه سلطاناً، وتلقّب بالملك المجاهد، وأخذ شعار السلطنة بعد مقتل قطز بشهر واحد، وطلب من الملك الأشرف موسى الأيوبي، والملك المنصور صاحب حماه الأيوبي أيضاً، والأمير حسام الدين لاجين العزيزي صاحب حلب مساعدته فلم يوافقوه، وسيّر الظاهربيبرس حملةً إلى دمشق حملت سنجر إلى القاهرة مقيداً بالأغلال ولم يمض على سلطنته المحلية أكثر من شهر.

وقام رجل شيعي بالقاهرة يدعى الكوراني يدعو لنفسه ويرغب في عودة النفوذ العبيدي مرةً أخرى أو الشيعة كما يسميها واستطاع الظاهر بيبرس القضاء عليها بسرعة.

ومع استقرار الوضع للظاهر بيبرس وقفت دولة المماليك على أقدامها، كما أن الخلافة قد عادت من جديد.

ولما كان المماليك هم السلاطين، وهم ولاة الأمور إذ لهم الدور الأول في تسيير شؤون الدولة سواء أكان في الداخل أم في الخارج لذا كان لا بد من بحث أمور هؤلاء السلاطين على نطاق أوسع من بحث الخلفاء، فالسلاطين هم الذين نسب إليهم العهد، ولم ينسب إلى العباسيين، وهم الخلفاء أو أمراء المؤمنين بالنسبة إلى المسلمين في جهات الأرض.

ففي مرحلة قيام دولة المماليك تولّى أمر مصر أربعة من السلاطين هم :

1- شجرة الدر 648 80 يوماً

2- المعز عزالدين أيبك 648 – 655

3- نورالدين علي 655 – 657

4- سيف الدين قطز 657 – 658

وبعد أن تولى السلطنة الظاهر بيبرس السلطنة بمدة أصبحت الخلافة أو حملة الدولة اسم الخلافة من جديد، واتجهت إليها أنظار المسلمين أكثر من السابق.

وتولى أمر المماليك نوعان من السلاطين يعودون في أصولهم إلى جهتين وهما :

1- المماليك البحرية 648 – 792

2- المماليك الجراكسة أوالبرجية 792 – 923

الممَاليك الجَراكِسَة “البرجية”(792 – 923 هـ)

1- الظاهر برقوق : 9 سنوات 792-801 للمرة الثانية (توفي)

– الناصر فرج : 7 سنوات 801-808 ابن برقوق (خلع)

3- المنصور عبد العزيز : ثلاثة أشهر 808-808 ابن برقوق خلع

4- الناصر فرج : 7 سنوات 808-815 أعيد للمرة الثانية ابن برقوق قتل

5- المؤيد : 9 سنوات 815-824 شيخ الاصطبل توفي

6- المظفر أحمد : عدة أشهر 824-824 ابن المؤيد خلع

7- الظاهر ططر : عدة أشهر 824-824 توفي

8- الصالح محمد : عدة أشهر 824-825 ابن الظاهر ططر خلع

9- الأشرف برسباي : 16سنة 825-841 توفي

10- العزيز يوسف : عدة أشهر 841-842 ابن برسباي خلع

11-الظاهر جقمق : 15 سنة 842-857 توفي

12- المنصور عثمان : أقل من شهر ونصف 857-857 ابن الظاهر جقمق خلع

13- الأشرف اينال : 7 سنوات 857-865 توفي

14- المؤيد أحمد : أقل من سنة 865-865 ابن الأشرف اينال خلع

15- الظاهر خشقدم : 7 سنوات 865-872 توفي

16- الظاهر بلباي : شهرين 872-872 خلع

17- الظاهر تمربغا : شهرين 872-872 خلع

18- خير بك : ليلة واحدة 872-872 خلع

19- الأشرف قايتباي : 29 سنة 872-901 توفي

20- الناصر محمد : سنة واحدة 901-902 ابن الأشرف قايتباي خلع

21-قانصوه : 902-903 قتل

أعيد22- الناصر محمد : 903-904 للمرة الثانية ابن الأشرف قيتباي قتل

23- الظاهر قانصوه : 904-905 خلع

24- جانبلاط : 905-906 قتل

25- العادل طومان باي : عدة أشهر 906-906 قتل

26- الأشرف قانصوه الغوري : 17 سنة 906-922 قتل

27- طومان باي : أقل من سنة 922-923 قتل

لقد حكم المماليك الجراكسة مصر والشام والحجاز مدة تزيد على إحدى وثلاثين ومائة سنة (792-923)، وتعاقب في هذه المدة أكثر من سبعة وعشرين سلطاناً.

وفي عام 795 دخل تيمورلنك بغداد وهدد المنطقة، فتشكّل حلف من سلطان المماليك الظاهر برقوق، وأمير سيواس، ومغول القفجاق، والعثمانيين ضد تيمورلنك زعيم التتار، وخرج الظاهر برقوق على رأس حملة عام 797 باتجاه بغداد، ومعه أحمد بن أويس صاحب بغداد والذي فرّ منها عند دخول تيمورلنك إليها والتجأ إلى القاهرة، فسار برقوق لإعادته إلى عاصمة ملكة، إلا أنه لم يحدث قتال لأن تيمورلنك كان قد ترك بغداد وعاد إلى الشرف فما كان من الظاهر إلا أن رجع هو الآخر.

الدولة العثمانية العظمى

منشأ آل عثمان وظهور دولتهم

اعلم أنه لما أغار جنكيز خان سلطان المغول سنة هـ م على بلاد آسيا الغربية آتياً من الشمال خرج سليمان شاه بن قيا ألب من سبط قايي خان وكان نازلا في أواسط آسيا بصحراء ماهان بجهات مرومها جرامع نحو 50 ألفاً من قبيلته وماز زالوا يسيرون يتخيرون المنازل والأعشاب حتى استقروا بجهات أذربيجان وبعد أن أقاموا تلك الجهات نحو ست سنوات هاجم السلاجقة خراسان وخوارزم وفتحوهما فقفل سليمان شاه راجعاً إلى وطنه ولما وصلوا إلى نهر الفرات وأرادوا عبوره غرق سليمان شاه بالنهر المذكور قضاء وقدراً هـ م فأخرجوه ودفنوههـناك عند قلعة جعبر ولا يزال قبره يوجد للآن ويدعى (ترك مزارى) .

وكان لسليمان شاه المذكور أربعة أولاد وهم سنقور زنكي وكون طوغدي وأرطغرل وكوندوز وقع بينهم الاختلاف في الرحلة أو المقام بعد موت والدهم فمنهم من اختار متابعة المسير إلى بلاده ومنهم من فضل البقاء مع أرطغرل الذي قصد بلاد الأناضول مع أربعمائة بيت من قومه منهم نحو 440 فارساً فساروا حتى نزلوا غرباً بجهة سرمهلووياسين وضربوا بها خيامهم ولما كانت تلك الجهات غير موافقة لسكناهم بالمرة أرسل أرطغرل سنة 630 هـ ولده صاروباتي بك إلى سلطان الروم علاء الدين السلجوقي يطلب منه الحماية ويستعطفه في أن يمنح عشيرته بعض الأراضي الخصبة فدله السلطان جناح الرأفة وأقطعهم أراضي قرهجهطاغ قرب أنقرة وكان بها ما يلزمهم من الدفء شتاء والمراعي صيفاً فأقاموا هناك قريري العين.

وبينما كان أرطغرل يرود بعض الجهات يوماً مع فرسان من قبيلته إذ صادفوا جيشين في حومة الميدان يستعدان للقتال وكان أحدهما أقل عدداً من الآخر فانضم أرطغرل بقومه إلى الجانب الضعيف لأنه كان يميل دائماً لمساعدة الضعفاء ويقال إنه وجدهما يتقاتلان وكان أقلهما عدداً أشرف على الهرب فحركته حينئذ الغيرة على الضعيف فانضم إليه مساعداً له وكان أحد هذين الجيشين وهو الضعيف للسلطان علاء الدين كيقباد بن كيخسرو السلجوقي، والثاني لهولاكوخان من أعقاب جنكيز خان ملك المغول، فلما قامت الحرب بينهما ويسّر الله الظفر للسلجوقيين بمساعدة أرطغرل وعشيرته وانقضى القتال وعلم السلطان السلجوقي بذلك استدعى إليه أرطغرل رئيس أولئك الغرباء وبعد أن وقف منه على حالته وحالة عشيرته أظهر له عظيم ارتياحه ومزيد شكره وخلع عليه وعلى أخيه وأقطعهم الأراضي الواقعة بجهتي طومانيج واسكيشهر 663 هـ 264م .

وبعد ذلك أخذ أرطغرل في مساعدة علاء الدين السلجوقي في أكثر وقائعه الحربية ضد المغول ودولة بوزنطية فكان له أثر مشهور ولهذا زاد السلطان علاء الدين في الاقطاعات لأرطغرل وتنازل له عن قطعة من بلاده الأصلية وقطعة مما فتحه من دولة القسطنطينية وهي الجهة المسماة الآن سلطانية أو (صيراجق) من ولاية قونية فكانت تلك الأراضي بما فيها جهة سكود مهّد الدولة العثمانية، ولما وقعت الحرب بعد ذلك بين السلطان علاء الدين والمغول لتعرضهم لبلاده فوض أمر المحافظة على قلعة كوتاهية التي استولى عليها المغول للأمير أرطغرل فاستردها بعد قتال شديد فَعَلتْ منزلة أرطغرل عند السلطان علاء الدين ولم يزل أرطغرل يقارع أعداء علاء الدين مؤيداً منصوراً حتى توفي سنة680هـ بسكود وسنّه يتجاوز 90 سنة.

ولما بلغ السلطان علاء الدين خبر وفاته جزع لذلك جدّاً وعين ولده الغازي عثمان مكانه ولما رآه السلطان علاء الدين من حزمه واجتهاده واتباعه خطة أبيه في الغزو والجهاد مدّة بالإعانة والإمداد وأرسل إليه شارات السلاجقة وهي الراية البيضاء والخلعة والطبل وكتاباً تركي العبارة معلناً باستقلال عثمان بك وبأن يكون له فيما بعد كل ما فتحه من الأراضي 688 هـ ولما ضرب الطبل بين يدي الأمير عثمان نهض قائماً على قدميه تعظيماً للسلطان علاء الدين وقد جرت العادة بعد ذلك بأن يقوم السلطان عند سماعه الطبلة تعظيماً وتذكاراً ولقبه علاء الدين بلقب بك وسمح له بأن يضرب السكة باسمه وبذكر اسمه على المنابر بعد ذكر السلطان.

ولقد كانت عوامل الفساد والضعف دبت إذ ذاك في جسم المملكة الرومية وكانت أحوال ولاياتها غير منتظمة فكان كل حاكم من حكامها المسمى بالتكفور يستبد في ولايته حسب رغبته ومشتهاه ولما شاهد الغازي عثمان ذلك أخذ في التضريب بينهم وإلقاء بذور العداوة والشحناء بين مجموعهم لأن الحرب خدعة ولما تمكن من مراده أخذ في الاستيلاء على ولاياتهم حتى أن حاكم (خرمن قيا) المدعو كوسه ميخال وأمثاله من المتفقين شرعوا في إلقاء المفاسد بين الحكام وكوسه ميخال هذا هو الذي أطلع الغازي عثمان على ما دبره له بقية الحكام من الايقاع به لما بينهما من الصداقة في يوم عرس حصل عند بعضهم وقد تدارك الأمير عثمان هذا الخطر بحيلة حربية.

وبينما كان كوكب العثمانيين في صعود وأمرهم في ارتقاء إذ أغار غازان خان سنة 699هـ على مدينة قونية وأزال دولة السلاجقة.

السلطان الغازي عثمان خان (699-726) هـ:

لما أعلن السلطان عثمان الغازي استقلاله أتاه كثير من علماء وأعيان وأمراء الدولة السلجوقية المنقرضة ودخلوا تحت حمايته واستمر يجاهد بعد الاستقلال نحو سبع سنوات واستولى من دولة الروم على كثير من الجهات ولما رأى من نفسه عدم القدرة على تحمل مشاق الأسفار لتقدمه في السن نصب ابنه أورخان بك قائداً للجنود وكان القسم الذي خص الأمير الغازي عثمان يتركب من جزء من إقليم بروسه ومن كافة البلاد الواقعة حوالي جبل أولمبة بالأناضول ولاذ أيضاً كثير من أعيان الروم بعدالة الغازي عثمان معترفين بسيادته وبذلك تأسست الدولة العلية العثمانية في التاريخ المذكور وقت الحادثة المذكورة وكانت في مبدأ أمرها حكومة صغيرة كما علمت، ثم أخذت تنمو شيئاً فشيئاً بمساعي هذا السلطان وشجاعته وعدالته حتى صارت قبلة الإسلام ونقطة آمال الموحدين ولما كانت هذه المملكة الصغيرة متاخمة لمملكة القسطنطينية الآخذة في الاضمحلال كانت الحروب لا تنقطع تقريباً بين البلدين فكانت هذه المملكة الحديثة العهد الممتلئة قوّة وحماساً تريد محو جارتها الهرمة التي كان يعز عليها أن ترى مملكة صغيرة حديثة النشأة تخالفها في المعتقد والعوائد تجاريها في مضمار الفتوحات.

ثم إن السلطان عثمان وجه التفاته لتوسيع دائرة أملاكه فحاصر مدينة كبري حصار عدّة مرات حتى اضطر عاملها للتسليم، ثم حاصر قلعة أزنيق الشهيرة وأنشأ في جانب قلعتها على الجبل من جهة يكيشهر القلعة المسماة سردار طارطغان وفي أثناء ذلك اتفق عامل بروسه مع حكام أطره نوس أوادربانوس وكستل وكته على مهاجمة مدينة يكيشهر مقام العثمانيين فقابلهم السلطان عثمان على رأس جيشه بجوار قلعة قيون حصار وهزمهم ثم اقتفى أثرهم حتى المكان المدعو ديمبوز وأوقع بهم فيه وقتل في هذه الواقعة أمير مدينة كستل وآي طوغدي ابن أخي السلطان ثم أركن أمير أطره نوس وبروسه إلى الفرار أما تكفوركته فإنه بعد التجائه إلى تكفور مدينة أولوباد أصر السلطان الغازي عثمان على تسليمه إليه فامتثل أمير أولو باد للأمر.

وفي سنة717 هـ شيد السلطان عثمان بالقرب من مدينة بروسه على مسافة ربع ساعة منها عند ينبوع الماء المعدني الحار قلعتين جعل في إحداهما ابن أخيه آق تيمور وفي الأخرى البطل بلبانحبق أحد مماليكه وبعد أن تمكن من حصار بروسه بهذه الكيفية وأسلم القائد كوسه ميخال الشهير ترك ولده السلطان أورخان وكوسه ميخال وصالتق ألب للمحافظة على البلاد وأنزلهم بقلعة قره حصار ثم سار هو بنفسه يقصد قلعة لبلبنجي ولفكه جادرلق فاستولى عليها بلا حرب وأخضع بعد ذلك يكيجه حصار وآق حصار وتكفور بكاري بلا حرب أيضاً وضم الجميع لأملاكه ثم أرسل الغازي أورخان والغازي عبد الرحمن وغيرهما إلى قلعة قره جيش الشهيرة وبعد حصارها أسروا حاكمها واستولوا عليها مع الجهات المجاورة لها ثم استمرت الفتوحات واستولى على مدينة طوز بازاري بعد أن أخضع قلعة قره تكبه ثم أن فرقة أقجه قوجه فتحت جملة جهات في أطراف أزميد ولهذا السبب كان يطلق على سنجق أزميد في ذلك الوقت قوجه ايلي وفي خلال ذلك فتح الغازي عبد الرحمن مدينة أزنيق.

ولما عزم السلطان عثمان الغازي على فتح بروسه أنشأ لذلك قلعتين حولها كما سبق وعين لهذه المهمة الغازي أورخان 726هـ وبعد خروجه من مدينة يكيشهر مر بأطره نوس ولما تقابل مع حاكمها أراد القبض عليه ففر من وجهه إلى أن وقع من صخرة فمات وأرسل الغازي أورخان خبر ذلك إلى السلطان مع كوسه ميخال وبذلك أمكن الاستيلاء على مدينة بروسه بلا كبير مشقة وفي أثناء تلك الفتوحات المتعاقبة بلغ الغازي أورخان مرض والده فسافر إليه مسرعاً ولما صار بين يديه نصحه بنصائح عظيمة منها حسن المحافظة على الرعية وسياستهم بالعدل والإنصاف.

وفاته:

ثم توفي يوم 17رمضان سنة 726هـ وكان سنه 70سنة ونقلت جثته من داخل قلعة بروسه إلى تربته المخصوصة وكانت ولادة هذا السلطان بمدينة يكيشهر سنة 656 هـ ومدّة سلطنته 20 سنة ولم يقع بينه وبين دولة من الدول الأجنبية حروب خلاف دولة القسطنطينية أو بينه وبين الأمراء التابعين لها وترك من الذكور اثنين وهما الأمير أورخان والأمير علاء الدين.

السلطان الغازي أورخان ابن السلطان الغازي عثمان خان 726-761هـ:

اعلم أنه عند جلوس السلطان الغازي أورخان على سرير السلطنة كانت شبه جزيرة الأناضول منقسمة بين ملوك الطوائف الذين قاموا بعد انقراض دولة السلاجقة فكان بخشى بك بن محمد بك من أولاد قرمان متغلباً على مدينة قونية وتوابعها أي جالساً مكان الدولة السلجوقية وكان آيدين بك وصاروخان بك ومنتشا بك وكرميان بك وحميد بك وتكه بك وقره سى بك وهم من أولاد أمراء السلاجقة حكاماً على ممالك صغيرة أخرى إلا أنهم لم يكونوا تحت طاعة أمير قونية المذكور وكان أولاد أسفنديار حكاماً مستقلين بجهات قسطموني.

وكانت بقية الممالك الأخرى تحت تسلط بعض عشائر التركمان فكان بمرعش أولاد ذو القدرية وباطنة أولاد رمضان وكان من بين هؤلاء حكومة السلطان أورخان التي ورثها من أبيه ولما لم تكن قوية في أول استقلالها كما مر ولم يكن في إمكانها الدخول في المنازعات التي كان يثيرها أولاد قرمان للمطالبة بميراث الدولة السلجوقية أمكنها فيما بعد بما أظهره السلطان عثمان الغازي من الإقدام والجسارة أن تكتسب قدرة ومكانة خصوصاً بعد استيلائها على مدينة بروسه لأن السلطان أورخان بعد أن اتخذ تلك المدينة مقر السلطنة التي كانت عديمة القرار قبل ذلك تمكن بمساعيه من إظهار شوكة الدولة وسطوتها بالفتوحات الآتية.

ولما جلس هذا السلطان على سرير الملك كان سنه يبلغ أربعين سنة وبعد أن نقل تخت المملكة إلى مدينة بروسه بعد أن كان بمدينة يكيشهر مدّة خمس وثلاثين سنة التفت إلى التنظيمات الضرورية وسن القوانين والنظامات بمساعدة رجال حكومته الذين نخص بالذكر منهم قاضي بروسه جندره لوقره خليل فكان أول شيء بدأ به أن ضرب السكة العثمانية وجعل للمأمورين والأمراء وأصناف العساكر وطبقات الأهالي ملابس مخصوصة.

ولما رأى أن جيوشه المؤلفة من فرسان التركمان وممن قدر من الرعية على الحرب لا نظام لهم ولا معرفة بقوانين الضبط والربط ولا هم مجمكون أخذ يرتب عساكر نظامية ووضع لهم قانوناً للتربية فأنشأ لذلك طائفة اليكجرية الانكشارية وصار حسب ما رآه وزيره يأخذ كل سنة العدد الممكن من أولاد النصارى ويجمعونهم ثم يعلمونهم آداب الإسلام ويعتنون بتربيتهم ومتى بلغوا السن اللائق للعسكرية أدخلوهم ضمن أوجاق اليكجرية.

وكان لكل واحد منهم يومياً وظيفة مقدرة وقد استمر هذا النظام أي ادخال مثل هؤلاء الأولاد في الجيش العثماني لسنة 1050هـ وقد نبغ من هؤلاء كثير من الرجال تولوا الوزارة والإمارة والأعمال الجليلة حتى صار النصارى فيما بعد يطلبون من تلقاء نفسهم إدخال أولادهم ضمن اليكجرية ومن النظامات التي أوجدها هذا السلطان منصب الوزارة عين له أخاه علاء الدين باشا فكان أول وزير في الدولة العثمانية.

ولما أتمّ التنظيمات السابقة التفت إلى أراضي البلاد المفتتحة فقسمها إلى قسمين وهما خاص وتيمار فكانت إيرادات الخاص للخزينة السلطانية ولأمراء العائلة الملوكية ولأعيان الحكومة وإيرادات التيمار لرجال الحرب.

ولما استقرت قواعد الدولة بهذه النظامات الحديثة التفت إلى الفتوحات فأشهر في سنة 727هـ حرباً على بلاد الروم وفي خلالها صادف وفاة حاكم أزميد مركز إقليم قوجه ايلي فآلت إدارة المدينة إلى ابنته وكانت ترد لها الإمدادات من القسطنطينية ولما حاصر تلك المدينة الغازي عبد الرحمن كاتبته البنت المذكورة سراً فاستولى على قلعتها وأرسل البنت المذكورة مع الغنائم إلى السلطان الذي عقد نكاحها على الغازي عبد الرحمن لكونها خدمت وأعانت الدولة وكانت النساء اللاتي يتظلمن للسلطان أورخان يلاطفهن بالكلام وينعم عليهن بما يسر خواطرهن فمالت إليه قلوب الناس.

وما زال يتقدّم في فتوحاته حتى حضر بنفسه في سنة 728هـ 1327 م وحاصر أزميد وأرسل القائدين قره على وايغور ألب مع جنود إلى فتح قيون حصار وفي أثناء المحاربة أصيب قلايون حاكم قيون حصار برصاصة فسقط ميتاً من سور القلعة وبذلك استولت الجيوش العثمانية على القلعة المذكورة وفي خلالها سلمت بلا قونية حاكمة أزميد نيقوميديا المدينة إلى السلطان أورخان فأركبها هي وجنودها ومن يريد من أهالي المدينة السفن وأرسل الكل إلى القسطنطينية وذلك بناء على رغبتها وبذلك صارت حدود الدولة قريبة من خليج القسطنطينية.

وفي سنة 731هـ فتحت مدينة أزنيق أو أزنيك وغنم العثمانيون منها مغانم وافرة جداً بعد أن اجتهد قيصر القسطنطينية في خلاصها وكان فتحها على يد الأمير سليمان ابن السلطان ولما تم فتحها وأصلح ما تهدم من مبانيها حول السلطان بعض كنائسها إلى مدارس ومساجد وعين للتدريس بإحدى تلك المدارس العالم الشهير داود القيصري وجعل على قضائها العالم العامل خليل جندارلي ولما كانت هذه المدينة في الوقت المذكور من أعظم مدائن تلك الجهات اتخذها السلطان أورخان عاصمة له.

ولما توفي الوزير علاء الدين سنة 732 صار الأمير سليمان باشا وزيراً للدولة وفتحت بلاد مدرني وكمليك وفي خلالها أرسل قيصر الروم جملة هدايا للسلطان أورخان وعقد بين الطرفين مهادنة في السنة نفسها لمدّة عشرين سنة وبموجبها صارت جهات مايناس وأيدنجق وباليكسري وبرغمه وقره سي وميخاليج وكرماستي من أملاك الدولة العثمانية ولم يبق بعد ذلك لقياصرة بالأناضول غير مدينة آلاشهر وقلعة بيغا وضم العثمانيون أيضاً إلى ممالكهم سنة 737هـ مملكة قره سي وهي أول مملكة إسلامية من الأناضول عند وقوع الاختلافات بين أولاد عجلان بك حاكمها بعد وفاته وفي مدّة المهادنة المذكورة تفرّغت الدولة للإصلاحات الداخلية وسنة 746 هـ جدّدت المعاهدة السلمية مع قيصر الروم وفي التي بعدها ذهب السلطان مع حاشيته إلى مدينة اسكدار وتقابل هناك مع قيصر الروم وتأيدت بذلك المصافاة بين المملكتين.

إلا أن دولة الروم لما كانت تبطن العداوة للعثمانيين كانت تنتهز الفرص للإيقاع بهم فخالفت شروط المعاهدة بعض مضي عشر سنوات من امضائها واتحد القيصر مع البنادقة الذين كانوا في أغلب الأوقات يهاجمون حدود المملكة العثمانية من جهة البحر فلذلك أصدر السلطان أورخان أمراً إلى ولده الأمير الغازي سليمان باشا بالاستعداد والزحف على بلاد الرومللي فجهز الجيوش وتقدّم بها في سنة 757هـ 1356 م حتى وصل إلى مدينة جناق قلعة بساحل غربي آسيا على مضيق الدردنيل ثم عقد هناك مجلساً مع أشهر قوّاده وهم حاجي إيل وآجه وغازي فاضل وأرنوس وكان حاكماً قبل لمدينة بروسه ثم اعتنق الإسلام فاتفقوا على عمل صالات (أكلاك) للعبور بها وبعد انشائها ركبوا عليها ليلاً من بلدة أيد نجق أبيدوس وعبروا بها الدردنيل إلى ساحل الرومللي وعقب عبورهم بقليل استولى الأمير سليمان باشا على قلعة جنك Tzympe سنة 758هـ 1357 م .

وهذا العبور هو مبدأ التاريخ البحري للدولة العثمانية وبعد أن عبر سليمان وجنوده بالكيفية المذكورة أخذ في إخضاع البلاد التي تقرب من كليبولي وفي تلك الأثناء ظهرت اضطرابات ومنازعات ومناقشات بين أعضاء العائلة الإمبراطورية بالقسطنطينية لأنه بعد وفاة اندرو نيقوس الثالث إمبراطور الروم 741هـ كان الوارث لسرير السلطنة يوانيس أو يوحنا اليولوغوس ولكونه كان حديث السن قام ناظر سراي الإمبراطور المدعو قانتا قوزينوس وأمثاله يطلبون لأنفسهم الاستبداد بالملك حتى أن قانتاقوز ينوس المذكور طلب من السلطان الغازي أورخان المساعدة وزوّجه بابنته تيودورا وعلى ذلك أرسل السلطان الجيوش عدّة مرات لمساعدة المستجير به وإسعافه ليتمكن من قهر أخصامه.

ولما شرع الأمير سليمان باشا في إجراء ما عهد إليه به السلطان قام الروم واتفقوا مع أهالي المجر والصرب والبلغار والأفلاق والبغدان بقصد قتال سليمان باشا لفتوحاته بأوروبة ومداخلته في أحوال الدولة الرومية فاستعد سليمان باشا لملاقاة قوّتهم المتحدّة ثم انقض عليهم من جبال البلقان وأوقع بجمعهم ثم تجوّل في جهات بلاد البلغار مسكناً اضطراباتها وفي خلال ذلك حصلت منافسات كبيرة بين ملوك المجر والصرب والبلغار والأفلاق والبغدان أدّت إلى منازعات التزم فيها امبراطور القسطنطينية أن يطلب من آل عثمان الإعانة ثانية فأمدّوه وتقدّم الأمير سليمان باشا حتى عسكر تحت أسوار القسطنطينية وسكن ذلك الاضطراب ثم حصلت زلازل جسيمة 759هـ دمرت جملة بلاد وقلاع من تلك الجهات.

وفي سنة 760 هـ 1358 م نهض الأمير الغازي سليمان باشا بجيش يبلغ عدده 700من شجعان العثمانيين إلى قلعة كليبولي المعتبرة مفتاحاً للبحر المتوسط الأبيض فحاصرها مدّة أيام حتى تمكن من فتحها ثم استولى بعدها على بولاير وخيره بولي وتكفور طاغ بكل سهولة وبهذا الفتح أظهر الأمير المذكور لجميع الدول الأخرى ما للدولة العثمانية الحديثة العهد من السطوة والاقتدار وبينما كان الروم يطلبون من العثمانيين أن يعيدوا لهم هذه الأماكن في مقابلة مال يدفعونه لهم كانت عساكرهم مهتمة بالفتوحات المتواصلة بأراضي الرومللي لاشتغال الروم بالمنازعات الداخلية إذ ذاك ففتحت إبصاله ومعلقرة وما جاورهما بكل سهولة وبينما كان الأمير سليمان في القنص يوماً 761هـ جمح به جواده وصدمه بقوّة في بعض الأشجار فكان في ذلك حتفه ومات وهو في ريعان الشباب مأسوفاً عليه من جنوده الذين كانوا يحبونه جدّا لما اتصف به من حميد الخصال ودفن بالجامع الذي شيده بمدينة بولاير.

ولما بلغ هذا الخبر المؤلم والده السلطان أورخان الغازي حزن عليه حزناً مفرطاً ولم يمكث بعده إلا زمناً يسيراً وتوفي من كدره في السنة المذكورة ودفن بمدينة بروسه وخلف ولدين الأمير مراد والأمير سليمان.

وكان هذا السلطان كوالده محباً للعلماء والفضلاء شديد الاعتناء والميل إلى أصحاب الاستحقاق من الأمراء عظيم الشغف في عمارية واصلاح الممالك التي استولى عليها ولما كانت خزائن الدولة ملأى بالأموال التي اكتسبتها من الغنائم اهتم في تشييد المدارس والمساجد والقناطر والآبار وغير ذلك من أنواع المبرات وقد قوي رحمه الله بنيان الدولة التي شرع في تأسيسها السلطان عثمان وتمكن من تحويل أمتها التي كانت قبل ذلك تسكن الخيام وادخالها ضمن الممالك العظيمة.